الشهرة العظيمة وطلب الحاجة هذا أيضا مما اشتهر بينهم ويتمسك فيه بما رواه الشيخ (ره) في زيادات التهذيب في باب صفة الوضوء عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال سمعته يقول من طلب حاجة وهو على غير وضوء فلم يقض فلا يلومن إلا نفسه ودلالته على المطلوب غير واضحة لان مفاد إن الحاجة بدون الوضوء لم يقض فينبغي أن يطلب الحاجة في حالة ما إذا توضأ بالوضوء الذي رخص فيه من الشارع لأنه عبادة موقوفة على الاذن وليس فيه دلالة على الاذن والرخصة للوضوء في وقت طلب الماء كما يشهد به الفطرة السليمة لكن الامر فيه أيضا واضح كما تقدم (وزيارة القبور) لم نقف فيه أيضا على مستند سوى الشهرة وقد ذكروا أن به رواية مختصة بمقابر المؤمنين ولم أرها (وتلاوة القرآن) هذا أيضا بما لا يحصل الاطلاع على مستنده سوى الشهرة أو التعظيم بشعائر الله تعالى كما ذكر في الحمل (والتأهب للفرض قبل وقته) أي التهئ له من الأهبة بمعنى الاستعداد قال في الصحاح تأهب أي استعد واستدل عليه باستحباب الصلاة أول الوقت وهو موقوف على الوضوء قبله وفيه أن استحباب الصلاة أول الوقت الحقيقي غير معلوم إذ ما يدل على استحبابه ينبغي أن يحمل على الأول العرفي لتقدم الحقيقة العرفية على اللغوية كما بين في موضعه والصلاة في أول الوقت العرفي لا يتوقف على الوضوء قبله ويمكن أن يقال لا شك أن الأول العرفي لا يباين الأول الحقيقي وإن كان أعم منه فحينئذ نقول إذا ورد الامر مطلقا بالصلاة في أول الوقت فيكون الأول الحقيقي أيضا داخلا تحته وإن حمل على العرفي ويستفاد منه الاستحباب فأيضا بناء على إطلاق الامر وعدم تقييده وإذا كان الصلاة في الأول الحقيقي مطلقا فلا شك أن في بعض الأوقات يتوقف على الوضوء قبل الوقت مستحبة فيكون الوضوء قبله مستحبا أيضا لقضية التوقف وفيه كلام سيجئ عن قريب وعلل العلامة (ره) في النهاية هذا الحكم بالخبر ولم يحصل الاطلاع عليه والكون على الطهارة بالجر عطف على ندبي أو التأهب ولما كان الكون على الطهارة أثرا من آثار الوضوء لا نفسه صح الحكم باستحباب الوضوء له وما استند إلى المصنف (ره) من أنه حكم في مثل هذه العبارة بعدم جواز الخبر لأنه بمنزلة أنه يستحب الوضوء للكون على الوضوء وهو فاسد وكذا الرفع على أن يكون فاعل يستحب إذ معنى الكلام أنه يستحب الوضوء ويستحب الكون على الوضوء وهو تكرار بل يجب رفعه على أن يكون مبتدأ محذوف الخبر وهو مستحب فاسد لما عرفت ولأن التكرار في صورة كونه فاعلا ليستحب لان المذكور سابقا استحباب الوضوء لأجل الغايات المذكورة وهذا استحباب الوضوء في نفسه مع أن فيما اختاره أيضا التكرار الذي زعمه موجود هذا والمراد من استحباب الوضوء للكون على الطهارة أن يكون الغرض منه هذا الأثر في نفسه بدون أن يكون الغرض من هذا الأثر شئ آخر بخلاف الصور السابقة لان الغرض منه غيره من الصلاة والطواف ونحوهما واعلم أن الحكم أيضا ليس له مستند ظاهر سوى الشهرة على ما اطلعنا عليه وقد يؤخذ من قوله تعالى أن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين وفيه ضعف ومن قوله (عليه السلام) المؤمن معقب ما دام متطهرا وهذا أضعف ثم أن فيما ذكروه من كون الكون على الطهارة غاية برأسها أيضا خفاء إذ وجود حالة في المكلف عقيب الوضوء سوى حصة وقوع الأشياء المتوقفة على الوضوء كمالا أو صحة منه كاملا أو صحيحا غير معلوم وأكثر ما ورد الطهر في الروايات يحمل على نفس الفعل والبعض الذي لا يمكن حمله على نفس الفعل يجوز أن يكون المراد من الصحة المذكورة وعلى هذا يدخل الكون على الطهارة تحت الأمور السابقة فكيف يجعل غاية برأسها والفرق بينهما بإثبات معنيين أحدهما صحة وقوع الفعل من المكلف أو كون الفعل بحيث يصح وقوعه من المكلف والثاني كون المكلف بحيث يصح منه الفعل لا عبرة به في نظر الفقيه كما لا يخفى وسيجئ مزيد بسط في البحث لهذا (وكل هذه يرفع الحدث ويبيح الصلاة) أعلم أنه قد تكرر وتكثر في كلام الأصحاب (رضي الله عنه) ذكر رفع الحدث واستباحة الصلاة ونحوها والظاهر أن مرادهم بالحدث حالة يحصل في باطن المكلف عقيب البول والغايط ونحوهما مما يعد إحداثا شبيهة بالنجاسة الظاهرة وذلك يستلزم عدم إباحة الصلاة ونحوهما مما يتوقف صحته وجوازه على الوضوء والغسل بما تقدم وكذا عدم كمال القراءة وغيرها مما لم يتوقف صحته وجوازه عليهما بل فضله وكماله و من ارتفاع هذا المعنى يستباح الصلاة ويصح استكمال القراءة مثلا وكأنهم يدعون أيضا أن الامر بالطهارة لما يتوقف صحته أو جوازه عليها وكذا لما يتوقف فضيلته وكماله إنما هو لأجل أن يرتفع المعنى المذكور ليمكن وقوع الغايات صحيحا أو كاملا إلا فيما لا يمكن ارتفاع هذا المعنى مثل الوضوء لنوم الجنب وجماع المحتلم وغيرهما فإن الامر فيه ليس لذلك لعدم الامكان وعلى هذا الفرق بين رفع الحدث وبين استباحة الصلاة ظاهر وأيضا كأنهم زعموا أن الطهارة أيضا أمرا آخر ضد للحدث يحصل في باطن المكلف بعد رفع الحدث شبيه بالطهارة الظاهرة وإذ تقرر هذه الأمور ظهر وجه ما ذكره المصنف (ره) أما في الوضوء للصلاة المندوبة فلان الصلاة المندوبة لما لم يصح بدون الوضوء فكان مانعها الحدث ويكون الامر بالوضوء لأجل ارتفاع ذلك المانع فإذا توضأ يلزم ارتفاعه وإذا ارتفع الحدث استباح الصلاة المفروضة أيضا لما مر من أنه متى ارتفع الحدث يستباح الصلاة وأما الوضوء للطواف المندوب فهو أيضا كذلك بناء على شرطية الوضوء له وأما على عدم الشرطية فلان كماله موقوف على الوضوء فيكون من جهة أن
(٣٥)