مشارق الشموس (ط.ق) - المحقق الخوانساري - ج ١ - الصفحة ٣٥
الشهرة العظيمة وطلب الحاجة هذا أيضا مما اشتهر بينهم ويتمسك فيه بما رواه الشيخ (ره) في زيادات التهذيب في باب صفة الوضوء عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال سمعته يقول من طلب حاجة وهو على غير وضوء فلم يقض فلا يلومن إلا نفسه ودلالته على المطلوب غير واضحة لان مفاد إن الحاجة بدون الوضوء لم يقض فينبغي أن يطلب الحاجة في حالة ما إذا توضأ بالوضوء الذي رخص فيه من الشارع لأنه عبادة موقوفة على الاذن وليس فيه دلالة على الاذن والرخصة للوضوء في وقت طلب الماء كما يشهد به الفطرة السليمة لكن الامر فيه أيضا واضح كما تقدم (وزيارة القبور) لم نقف فيه أيضا على مستند سوى الشهرة وقد ذكروا أن به رواية مختصة بمقابر المؤمنين ولم أرها (وتلاوة القرآن) هذا أيضا بما لا يحصل الاطلاع على مستنده سوى الشهرة أو التعظيم بشعائر الله تعالى كما ذكر في الحمل (والتأهب للفرض قبل وقته) أي التهئ له من الأهبة بمعنى الاستعداد قال في الصحاح تأهب أي استعد واستدل عليه باستحباب الصلاة أول الوقت وهو موقوف على الوضوء قبله وفيه أن استحباب الصلاة أول الوقت الحقيقي غير معلوم إذ ما يدل على استحبابه ينبغي أن يحمل على الأول العرفي لتقدم الحقيقة العرفية على اللغوية كما بين في موضعه والصلاة في أول الوقت العرفي لا يتوقف على الوضوء قبله ويمكن أن يقال لا شك أن الأول العرفي لا يباين الأول الحقيقي وإن كان أعم منه فحينئذ نقول إذا ورد الامر مطلقا بالصلاة في أول الوقت فيكون الأول الحقيقي أيضا داخلا تحته وإن حمل على العرفي ويستفاد منه الاستحباب فأيضا بناء على إطلاق الامر وعدم تقييده وإذا كان الصلاة في الأول الحقيقي مطلقا فلا شك أن في بعض الأوقات يتوقف على الوضوء قبل الوقت مستحبة فيكون الوضوء قبله مستحبا أيضا لقضية التوقف وفيه كلام سيجئ عن قريب وعلل العلامة (ره) في النهاية هذا الحكم بالخبر ولم يحصل الاطلاع عليه والكون على الطهارة بالجر عطف على ندبي أو التأهب ولما كان الكون على الطهارة أثرا من آثار الوضوء لا نفسه صح الحكم باستحباب الوضوء له وما استند إلى المصنف (ره) من أنه حكم في مثل هذه العبارة بعدم جواز الخبر لأنه بمنزلة أنه يستحب الوضوء للكون على الوضوء وهو فاسد وكذا الرفع على أن يكون فاعل يستحب إذ معنى الكلام أنه يستحب الوضوء ويستحب الكون على الوضوء وهو تكرار بل يجب رفعه على أن يكون مبتدأ محذوف الخبر وهو مستحب فاسد لما عرفت ولأن التكرار في صورة كونه فاعلا ليستحب لان المذكور سابقا استحباب الوضوء لأجل الغايات المذكورة وهذا استحباب الوضوء في نفسه مع أن فيما اختاره أيضا التكرار الذي زعمه موجود هذا والمراد من استحباب الوضوء للكون على الطهارة أن يكون الغرض منه هذا الأثر في نفسه بدون أن يكون الغرض من هذا الأثر شئ آخر بخلاف الصور السابقة لان الغرض منه غيره من الصلاة والطواف ونحوهما واعلم أن الحكم أيضا ليس له مستند ظاهر سوى الشهرة على ما اطلعنا عليه وقد يؤخذ من قوله تعالى أن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين وفيه ضعف ومن قوله (عليه السلام) المؤمن معقب ما دام متطهرا وهذا أضعف ثم أن فيما ذكروه من كون الكون على الطهارة غاية برأسها أيضا خفاء إذ وجود حالة في المكلف عقيب الوضوء سوى حصة وقوع الأشياء المتوقفة على الوضوء كمالا أو صحة منه كاملا أو صحيحا غير معلوم وأكثر ما ورد الطهر في الروايات يحمل على نفس الفعل والبعض الذي لا يمكن حمله على نفس الفعل يجوز أن يكون المراد من الصحة المذكورة وعلى هذا يدخل الكون على الطهارة تحت الأمور السابقة فكيف يجعل غاية برأسها والفرق بينهما بإثبات معنيين أحدهما صحة وقوع الفعل من المكلف أو كون الفعل بحيث يصح وقوعه من المكلف والثاني كون المكلف بحيث يصح منه الفعل لا عبرة به في نظر الفقيه كما لا يخفى وسيجئ مزيد بسط في البحث لهذا (وكل هذه يرفع الحدث ويبيح الصلاة) أعلم أنه قد تكرر وتكثر في كلام الأصحاب (رضي الله عنه) ذكر رفع الحدث واستباحة الصلاة ونحوها والظاهر أن مرادهم بالحدث حالة يحصل في باطن المكلف عقيب البول والغايط ونحوهما مما يعد إحداثا شبيهة بالنجاسة الظاهرة وذلك يستلزم عدم إباحة الصلاة ونحوهما مما يتوقف صحته وجوازه على الوضوء والغسل بما تقدم وكذا عدم كمال القراءة وغيرها مما لم يتوقف صحته وجوازه عليهما بل فضله وكماله و من ارتفاع هذا المعنى يستباح الصلاة ويصح استكمال القراءة مثلا وكأنهم يدعون أيضا أن الامر بالطهارة لما يتوقف صحته أو جوازه عليها وكذا لما يتوقف فضيلته وكماله إنما هو لأجل أن يرتفع المعنى المذكور ليمكن وقوع الغايات صحيحا أو كاملا إلا فيما لا يمكن ارتفاع هذا المعنى مثل الوضوء لنوم الجنب وجماع المحتلم وغيرهما فإن الامر فيه ليس لذلك لعدم الامكان وعلى هذا الفرق بين رفع الحدث وبين استباحة الصلاة ظاهر وأيضا كأنهم زعموا أن الطهارة أيضا أمرا آخر ضد للحدث يحصل في باطن المكلف بعد رفع الحدث شبيه بالطهارة الظاهرة وإذ تقرر هذه الأمور ظهر وجه ما ذكره المصنف (ره) أما في الوضوء للصلاة المندوبة فلان الصلاة المندوبة لما لم يصح بدون الوضوء فكان مانعها الحدث ويكون الامر بالوضوء لأجل ارتفاع ذلك المانع فإذا توضأ يلزم ارتفاعه وإذا ارتفع الحدث استباح الصلاة المفروضة أيضا لما مر من أنه متى ارتفع الحدث يستباح الصلاة وأما الوضوء للطواف المندوب فهو أيضا كذلك بناء على شرطية الوضوء له وأما على عدم الشرطية فلان كماله موقوف على الوضوء فيكون من جهة أن
(٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ترجمة المصنف (قدس) 2
2 ترجمة الشارح (قدس) 3
3 كتاب الطهارة معنى الطهارة لغة 5
4 اشتراط النية في الطهارة 5
5 في وجوب الوضوء 5
6 بيان وجوب الوضوء لمس خط القرآن 11
7 وجوب غسل الجنابة للصلاة 15
8 في وجوب التيمم للصلاة 16
9 في بيان وجوب الطهارات لنفسها أو لغيرها 26
10 حكم امكان التوضؤ والغسل والتيمم قبل الوقت وعدم امكانه بعد الوقت 32
11 استحباب الوضوء للصلوات المندوبة 33
12 تنبيه في التسامح في أدلة السنن 34
13 استحباب غسل الجمعة 39
14 وقت غسل الجمعة 41
15 الأغسال المستحبة في شهر رمضان 43
16 استحباب غسل العيدين 44
17 في الأغسال المستحبة 44
18 في رافعية الغسل المندوب للحدث 47
19 في استحباب التيمم بدل الوضوء المستحب 50
20 موجبات الوضوء 51
21 موجبات الغسل 61
22 في وجوب الوضوء مع الأغسال الواجبة الا الجنابة 69
23 وجوب ستر العورة عن الناظر 70
24 حرمة استقبال القبلة واستدبارها 70
25 في المسح بالحجر 75
26 مستحبات التخلي 78
27 فيما يستحب حال التخلي 78
28 ما يستحب عند الاستنجاء 79
29 في كيفية الخرطات التسع 80
30 المكروهات في حال التخلي 81
31 في عدم اشتراط الاستنجاء في صحة الوضوء 86
32 في وجوب النية المشتملة على القربة عند الوضوء 88
33 في حكم المبطون والسلس والمستحاضة 91
34 في اشتراط قصد الإطاعة وعدمه 91
35 فيما لو نوى رفع حدث واستباحة صلاة بعينها 94
36 عدم صحة الطهارة وغيرها من العبادات من الكافر 98
37 في بطلان لو نوى لكل عضو نية تامة 98
38 حكم البالغ في الوقت 100
39 في حد غسل الوجه 100
40 غسل الاذنين ومسحهما بدعة 107
41 في حد غسل اليدين 108
42 عند افتقار الطهارة إلى معين بأجرة 112
43 في حد مسح الرأس 112
44 في كراهة مسح جميع الرأس 118
45 وجوب مسح الرجلين 118
46 في عدم جواز المسح على حائل من خف وغيره الا لتقية أو ضرورة 125
47 في اشتراط الموالاة 127
48 سنن الوضوء 131
49 فيما لو شك في عدد الغسلات السابقة بنى على الأقل 138
50 فيما لو شك في الحدث والطهارة بنى على المتيقن 141
51 في تعدد الوضوء ولا يعلم محل المتروك 145
52 في زوال العذر في الوضوء 153
53 حصول الجنابة بانزال المني 156
54 حصول الجنابة بمواراة الحشفة أو قدرها من المقطوع 160
55 حكم من لو وجد المني على ثوبه 162
56 فيما يحرم في حال الجنابة 164
57 في كيفية الغسل 168
58 في مستحبات الغسل 176
59 هل يكفى المسح كالدهن أم تجب الإفاضة 177
60 حكم ما لو أحدث في أثناء الغسل 179
61 درس: في الماء المطلق في اختلاط الماء الطاهر بالنجس وهي أربعة أقسام باعتبار اختلاف احكامها 185
62 أولا: الراكد دون الكر 185
63 ثانيا: في الماء الراكد الكثير 196
64 وثالثا: في الماء الجاري نابعا 205
65 في حكم ماء الغيث النازل كالنابع 211
66 رابعا: ماء البئر 215
67 في كيفية طهارة ماء البئر إذا وقع فيه شئ 220
68 فيما لو تغير ماء البئر 238
69 فيما لو اتصل ماء البئر بماء جارى طهرت 241
70 فيما إذا غارت البئر ثم عادت 244
71 في استحباب تباعد البئر عن البالوعة 246
72 في طهورية الماء المستعمل في الوضوء 247
73 طهارة الماء المستعمل في الاستنجاء 252
74 في حكم الماء المستعمل في إزالة النجاسات 254
75 الماء المضاف لا يرفع حدثا ولا يزيل خبثا 259
76 في طهارة الخمر بالخلية والمرق المتنجس بقليل الدم بالغليان 262
77 فيما لو اشتبه المطلق بالمضاف وفقد غيرهما تطهر بكل منهما 264
78 كراهة سؤر الجلال وآكل الجيف مع الخلو عن النجاسة 268
79 في سؤر غير مأكول اللحم 270
80 حرمة استعمال الماء النجس والمشتبه به في الطهارة 281
81 فيما إذا صلى بالمشتبه أعاد الصلاة في الوقت وخارجه 288
82 لا يشترط في التيمم عند اشتباه الانية اهراقها 292
83 حكم النجاسات وهي عشر البول والغائط 293
84 المني والدم من ذي النفس السائلة 301
85 الميتة من ذي النفس السائلة 309
86 الكلب والخنزير ولعابهما 321
87 المسكرات 326
88 تذنيب في استدلال العلامة على طهارة الخمر وجوابه 333
89 في حكم الفقاع 336