مشارق الشموس (ط.ق) - المحقق الخوانساري - ج ١ - الصفحة ٣١
فإذا فرض هذا الغرض قبل دخول وقت الطواف يلزم الوجوب النفسي بحسب أصل الشرع أو يقال مرادهم نفي الوجوب النفسي بالأصالة وهذا وجوب بالتبعية وفيه بعد أو يمنع وجوب مقدمة الواجب وهذا المنع وإن كان موجها لكن الظاهر أن القائلين بالوجوب الغيري لا يقولون بوجوبه قبل دخول الوقت ولا ببدليته أيضا ولم يكتفوا بالأول فقط لا يقال لا نسلم التوقف على الغسل لأنه حكم سبحانه تعالى بعده ببدلية التيمم له لأنه تعلق ما بعده به لا ظهور له كما مر سابقا وعلى تقدير التسليم يفرض الكلام فيما إذا لم يمكن الغسل والتيمم جميعا وقت دخول الوقت فحينئذ يلزم ما ذكرنا وفيه كلام سيجئ عن قريب ولا يخفى جريان مثل هذا الاستدلال في قوله (عليه السلام) لا صلاة إلا بطهور بالنسبة إلى جميع الطهارات فتدبر ومنها ما رواه الشيخ (ره) في التهذيب في باب حكم الجنابة في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أحدهما (عليهما السلام) قال سئلته متى يجب الغسل على الرجل والمرأة فقال إذا أدخله فقد وجب الغسل والمهر والرجم والاستدلال به من وجهين الأول أنه (عليه السلام) علق وجوب الغسل على الدخول فقط فلم يكن معلقا على غيره الثاني أنه علق وجوب المهر والرجم على الادخال ولا خلاف في أنهما غيره شرطين بعبادة من العبادات فكذا الغسل قضية للعطف وفيه ضعف ظاهر لان العطف لا يقتضي التساوي في جميع الأمور بل التساوي في أن للادخال دخلا في وجوبهما كاف إلا يرى اشتراطه كل من المهر والرجم بشرط خلاف الشرط الآخر بل نقيضه لان المهر مشروط بالعقد والرجم بعدمه والحق أن مثل هذا الاستدلال مما لا يليق بمن له وجدان سليم ومنها ما رواه (ره) أيضا في هذا الباب في الصحيح عن زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال جمع عمر بن الخطاب أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله) فقال ما تقولون في الرجل يأتي أهله فيخالطها ولا ينزل فقال الأنصار الماء من الماء وقال المهاجرون إذا التقى الختانان فقد وجب عليه الغسل فقال عمر لعلي (عليه السلام) ما تقول يا أبا الحسن فقال علي (عليه السلام) أتوجبون عليه الحد والرجم ولا توجبون عليه صاعا من الماء إذا التقى الختانان فقد وجب عليه الغسل والاستدلال به أيضا من وجهين أحدهما من حيث تعليقه (عليه السلام) وجوب الغسل على الالتقاء فقط ولم يشترط بشئ آخر وثانيهما أنه أنكر (عليه السلام) إيجاب الحد والرجم بدون إيجاب الغسل وكان وجهه أن إيجاب الأصعب يقتضي إيجاب الأسهل بطريق الأولى ولا شك أنه يتحقق وجوب الأصعب وقت عدم وجوب الصلاة مثلا فيجب أن يتحقق وجوب الأسهل أيضا وإلا يلزم ما أنكره (عليه السلام) وفيه أن حمل كلامه (عليه السلام) على هذا المعنى يقتضي ظاهر أن يكون من باب القياس الذي تواتر عنهم (عليه السلام) منعه وإنكاره إذ لا أولوية في إيجاب أسهل العقوبتين عند إيجاب أصعبهما كما لا يخفى وحينئذ فلا بد أما أن يقال أنه إلزام لهم حيث أنهم كانوا قائلين بالقياس إن جوز البحث الإلزامي مع اعتقاد بطلانه لمصلحة مثلا كما ورد في باب القيافة أو يقال أنه ليس بحثا إلزاميا بل إنما أنكر (عليه السلام) قولهم هذا مع مخالفته لاعتقادهم في أصل كلامه (عليه السلام) أنه استبعد منهم أولا وقال أنكم كيف تقولون بهذا القول مع أنه مخالف لمعتقدكم من صحة القياس ثم بعد ذلك بين الحكم بقوله (عليه السلام) إذا التقى الختانان ويؤيده قوله توجبون ولا توجبون ولا يجب ولا يجب فتأمل وعلى التقديرين لا يبقى الحجية مجالها أو يقال أن استنادا لأمور الثلاثة إلى شئ واحد كأنه كان أمرا معلوما فقال (عليه السلام) لم تسندون اثنين منهما إليه دون الاخر لكن يأباه قوله (عليه السلام) صاعا من ماء أدنى باء كما يحكم به الوجدان إلا أن يقال التعبير بهذه العبارة كأنه للاشعار بالالزام وعلى هذا أيضا لا دلالة لجواز معلوميته استناد كل منهما إلى الادخال بشرايط مخصوصة والله أعلم ومنها ما رواه أيضا في هذا الباب عن محمد بن إسماعيل قال سئلت الرضا (عليه السلام) عن الرجل يجامع المرأة قريبا من الفرج فلا ينزلان متى يجب الغسل فقال إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل وكذا ما رواه أيضا في هذا الباب عن علي بن يقطين قال سئلت أبا الحسن (عليه السلام) عن الرجل يصيب الجارية البكر لا يفضي إليها أعليها غسل فقال إذا وقع الختان على الختان فقد وجب الغسل البكر وغير البكر وكذا ما رواه أيضا عن الحلبي قال سئلت أبا عبد الله (عليه السلام) عن المفخذ عليه غسل قال نعم إذا أنزل والروايات الواردة بهذا المضمون كثيرة ووجه الاستدلال في الجميع واحد وهو تعليق الوجوب على مجرد الالتقاء والانزال فلا يشترط بشئ آخر ويجاب عن جميع الاستدلالات التي بهذا الوجه بأن الاشتراط كأنه كان أمرا معلوما شايعا فلم يحتاجوا إلى التعرض له كالاطلاقات الواردة في باب الوضوء وغسل الثوب وغير ذلك وقد عرفت ما فيه سابقا في باب الوضوء من أنه ممنوع علم معلومية الاشتراط وشيوعه إذ مجرد الاحتمال غير كاف وإن كان المقام مقام المنع لما مر والاستدلالات التي ذكروها على الاشتراط قد عرفت حالها والتمسك بأصالة البراءة أيضا ضعيف بعد وجود الظواهر الدالة على شغلها كيف ولو كان أصل البراءة معارضة للظواهر لما ثبت حكم من الاحكام المظنونة نعم إنما يصلح متمسكا عند عدم ظاهر مخرج عن الأصل وهو ظاهر وقد يستدل أيضا على الوجوب النفسي بأن القول بالوجوب الغيري والقول بفساد صوم من أصبح جنبا عامدا مما لا يجتمعان مع أنهم قايلون بالثاني فانتفى الأول وجه المنافاة أن الوجوب بالغير إنما يلزمه عدم وجوب الغسل ما لم يجب غايته كما يعترفون به أيضا فلم يكن الغسل للصوم واجبا في الليل إذ لم يجب الصوم بعد فلم يكن الصوم المذكور فاسدا وجوابه ما مر في تحريم محل النزاع فتذكر والشهيد الثاني (ره) تخيل أن وجه المنافاة التي ادعاها المستدل هو أن الصوم لما لم يكن مشروطا بالغسل فلم يكن الغسل واجبا له فإذا انحصر الوجوب في الغيري لزم أن لا يفسد صوم من أصبح جنبا عامدا ثم أجاب عنه بأن عدم اشتراط الصوم بالغسل ممنوع بل القايلون بفساد
(٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ترجمة المصنف (قدس) 2
2 ترجمة الشارح (قدس) 3
3 كتاب الطهارة معنى الطهارة لغة 5
4 اشتراط النية في الطهارة 5
5 في وجوب الوضوء 5
6 بيان وجوب الوضوء لمس خط القرآن 11
7 وجوب غسل الجنابة للصلاة 15
8 في وجوب التيمم للصلاة 16
9 في بيان وجوب الطهارات لنفسها أو لغيرها 26
10 حكم امكان التوضؤ والغسل والتيمم قبل الوقت وعدم امكانه بعد الوقت 32
11 استحباب الوضوء للصلوات المندوبة 33
12 تنبيه في التسامح في أدلة السنن 34
13 استحباب غسل الجمعة 39
14 وقت غسل الجمعة 41
15 الأغسال المستحبة في شهر رمضان 43
16 استحباب غسل العيدين 44
17 في الأغسال المستحبة 44
18 في رافعية الغسل المندوب للحدث 47
19 في استحباب التيمم بدل الوضوء المستحب 50
20 موجبات الوضوء 51
21 موجبات الغسل 61
22 في وجوب الوضوء مع الأغسال الواجبة الا الجنابة 69
23 وجوب ستر العورة عن الناظر 70
24 حرمة استقبال القبلة واستدبارها 70
25 في المسح بالحجر 75
26 مستحبات التخلي 78
27 فيما يستحب حال التخلي 78
28 ما يستحب عند الاستنجاء 79
29 في كيفية الخرطات التسع 80
30 المكروهات في حال التخلي 81
31 في عدم اشتراط الاستنجاء في صحة الوضوء 86
32 في وجوب النية المشتملة على القربة عند الوضوء 88
33 في حكم المبطون والسلس والمستحاضة 91
34 في اشتراط قصد الإطاعة وعدمه 91
35 فيما لو نوى رفع حدث واستباحة صلاة بعينها 94
36 عدم صحة الطهارة وغيرها من العبادات من الكافر 98
37 في بطلان لو نوى لكل عضو نية تامة 98
38 حكم البالغ في الوقت 100
39 في حد غسل الوجه 100
40 غسل الاذنين ومسحهما بدعة 107
41 في حد غسل اليدين 108
42 عند افتقار الطهارة إلى معين بأجرة 112
43 في حد مسح الرأس 112
44 في كراهة مسح جميع الرأس 118
45 وجوب مسح الرجلين 118
46 في عدم جواز المسح على حائل من خف وغيره الا لتقية أو ضرورة 125
47 في اشتراط الموالاة 127
48 سنن الوضوء 131
49 فيما لو شك في عدد الغسلات السابقة بنى على الأقل 138
50 فيما لو شك في الحدث والطهارة بنى على المتيقن 141
51 في تعدد الوضوء ولا يعلم محل المتروك 145
52 في زوال العذر في الوضوء 153
53 حصول الجنابة بانزال المني 156
54 حصول الجنابة بمواراة الحشفة أو قدرها من المقطوع 160
55 حكم من لو وجد المني على ثوبه 162
56 فيما يحرم في حال الجنابة 164
57 في كيفية الغسل 168
58 في مستحبات الغسل 176
59 هل يكفى المسح كالدهن أم تجب الإفاضة 177
60 حكم ما لو أحدث في أثناء الغسل 179
61 درس: في الماء المطلق في اختلاط الماء الطاهر بالنجس وهي أربعة أقسام باعتبار اختلاف احكامها 185
62 أولا: الراكد دون الكر 185
63 ثانيا: في الماء الراكد الكثير 196
64 وثالثا: في الماء الجاري نابعا 205
65 في حكم ماء الغيث النازل كالنابع 211
66 رابعا: ماء البئر 215
67 في كيفية طهارة ماء البئر إذا وقع فيه شئ 220
68 فيما لو تغير ماء البئر 238
69 فيما لو اتصل ماء البئر بماء جارى طهرت 241
70 فيما إذا غارت البئر ثم عادت 244
71 في استحباب تباعد البئر عن البالوعة 246
72 في طهورية الماء المستعمل في الوضوء 247
73 طهارة الماء المستعمل في الاستنجاء 252
74 في حكم الماء المستعمل في إزالة النجاسات 254
75 الماء المضاف لا يرفع حدثا ولا يزيل خبثا 259
76 في طهارة الخمر بالخلية والمرق المتنجس بقليل الدم بالغليان 262
77 فيما لو اشتبه المطلق بالمضاف وفقد غيرهما تطهر بكل منهما 264
78 كراهة سؤر الجلال وآكل الجيف مع الخلو عن النجاسة 268
79 في سؤر غير مأكول اللحم 270
80 حرمة استعمال الماء النجس والمشتبه به في الطهارة 281
81 فيما إذا صلى بالمشتبه أعاد الصلاة في الوقت وخارجه 288
82 لا يشترط في التيمم عند اشتباه الانية اهراقها 292
83 حكم النجاسات وهي عشر البول والغائط 293
84 المني والدم من ذي النفس السائلة 301
85 الميتة من ذي النفس السائلة 309
86 الكلب والخنزير ولعابهما 321
87 المسكرات 326
88 تذنيب في استدلال العلامة على طهارة الخمر وجوابه 333
89 في حكم الفقاع 336