مشارق الشموس (ط.ق) - المحقق الخوانساري - ج ١ - الصفحة ٢٩
وها هنا أيضا لما كان اشتراط وجوب الوضوء بالصلاة أمرا معلوما شايعا فلذا أطلق تلك الرواية ولم يقيد بالصلاة لعدم الاحتياج إليه وفيه أنه وإن كان الامر كما ذكر فيما علم الاشتراط لكن علم معلومية الاشتراط وتعارفه فيما بينهم فيما نحن بصدده إذ مجرد الاحتمال لا يكفي ها هنا وإن كان المقام مقام المنع إذ الاستدلال بظواهر الاطلاقات والعمومات لا يقدحه احتمال التقييد والتخصيص وإلا تبطل أكثر الاستدلالات بالظواهر والدلايل المتقدمة لا يتم كما عرفت فينبغي حمل الروايات على ظواهرها حتى يظهر خلافها هذا غاية ما يمكن أن يستدل به على الطرفين وليس في شئ منها ما تسكن النفس وتطمئن إليه لكن أصالة براءة الذمة من الوجوب قبل دخول الوقت والشهرة بين الأصحاب فإن المتقدمين وإن لم يتعرضوا لذلك المعنى صريحا لكن بعض كلماتهم يشعر بذلك حيث يذكرون أن الوضوء يجب لكذا وكذا ولم يذكروا وجوبه في نفسه أصلا والمتأخرين الذي تعرضوا لهذا المعنى أكثرهم قايلون بالوجوب الغيري والقول بالوجوب النفسي ليس له قايل معلوم سوى ما نقل المصنف (ره) في الذكرى مجهولا إنما يقوى طرف الوجوب الغيري وأمر ظواهر الروايات سهل لان الاطلاق في مثل هذا المقام لا يثمر ظنا بعدم الاشتراط كما يظهر عند الرجوع إلى الوجدان وتتبع الروايات ولا يخفى عليك أن ما ذكروه في ثمر النزاع من أمر نية الوجوب أو الندب فأمره سهل إذ الظاهر كما سيجئ إنشاء الله تعالى عدم الاحتياج إلى تعرض وجه الوجوب والندب في النية مع أنك قد عرفت أنه على تقدير الوجوب بالغير أيضا لا يبعد صحة نية الوجوب قبل دخول الوقت إلا أن يثبت ما هو لازمه باعتقادهم من عدم الوجوب قبل وجوب غايته وأمر الاحتياط في الفائدة الأخرى واضح إذ عند ظن يتضيق الوفاء بدون شغل الذمة بغايته ينبغي أن يؤتى به حتى يخرج عن عهدة الخلاف هذا ثم أن المفهوم من كلام الأصحاب ها هنا أن الوضوء الذي يجب بعد دخول الوقت على القول بالوجوب بالغير إذا فعل قبل الدخول يكون ندبا ولم ينصوا على أن هذه الوضوء المندوب وخارج عن الأقسام التي يذكرونها للوضوء المستحب كما سيجئ بعد هذا أو داخل وعلى الأول ما الدليل على استحبابه وعلى الثاني دخوله في تحت أي قسم من الأقسام المذكورة وسيجئ لهذا زيادة بسط في بيان إباحة الوضوء المندوب للصلاة إنشاء الله تعالى ولنذكر الان أدلة الجانبين في الغسل ونخص الكلام ابتداء بغسل الجنابة لشهرة الخلاف فيه حجة القائلين بالوجوب لغيره أمور منها قوله تعالى وإن كنتم جنبا فاطهروا والاستدلال به ومن وجوه الأول إن المفهوم منه عرفا أن الغسل للصلاة كما في قولك إذا أردت الأمير فالبس ثيابك فيكون الغرض منه الصلاة فلا يكون واجبا لنفسه ويرد عليه مع ما تقدم في نظيره من الاستدلال على وجوب الوضوء للغير أن عطف وإن كنتم على فاغسلوا ممنوع إذ يجوز أن يكون معطوفا على جملة إذا قمتم فإن قيل العطف بأن دون إذا يأباه قلنا يمكن أن يكون في العطف بأن دون إذا استعار المبالغة في أمر الصلاة والتأكيد فيها حيث أتى في القيام بها بكلمة إذا الدالة على تيقن الوقوع يعني أنه أمر متيقن الوقوع البتة وليس مما يجوز العقل عدمه وفي الجنابة بكلمة أن الموضوعة للشك مع تحقق وقوعها وتيقنها تنبيها على أنها في جنب القيام كأنه أمر مشكوك الوقوع والثاني أن المفهوم من الشرط عدم الوجوب عند عدم القيام إلى الصلاة ويرد عليه أيضا مع ما تقدم في نظيره الايراد المذكورة آنفا الثالث أن عطفه على الوضوء يقتضي وجوبه لغيره كالوضوء لوجوب تشريك المتعاطفين في الحكم ويرد عليه أنه إن كان المراد من عطفه على جملة فاغسلوا فقد عرفت ما فيه وإن كان المراد عطفه على جملة إذا قمتم فلا يتمشى الاستدلال إذ ليس لهذه الجملة حكم الوجوب بالغير حتى يلزم ثبوته للمعطوف عليه وهو ظاهر نعم لا بد من المناسبة بين المتعاطفين وهي حاصلة هنا باعتبار أن كلا منهما حكم متعلق برفع الحدث والصلاة لان الغسل على تقدير الوجوب لنفسه أيضا مما يرفع الحدث ويبيح الصلاة بل واجب للصلاة أيضا لما عرفت من أن الظاهر عدم الخلاف في الوجوب الغيري في الجملة ولا يلزم أن يكون مناسبة تامة من جميع الوجوه مع أن الحال في الوضوء أيضا قد عرفت ما فيه الرابع أن عطف جملة التيمم عليه يقتضي الوجوب لغيره للتشريك ويرد عليه أيضا إن التيمم المذكور بعده ليس مخصوصا بالتيمم الذي بدل من الوضوء بل يعمه وغيره من الذي يدل من الغسل أيضا والتيمم الذي بدل من الغسل لا نسلم وجوبه لغيره بل حكمه حكم مبدله فحينئذ فالتيمم الذي يشمل الصنفين إذا أورد بعد جملتين أحديهما يكون الحكم فيها الوجوب لغيره والثانية الوجوب لنفسه فلا يخفى ما فيه من المناسبة والملائمة وعلى تقدير أن يكون التيمم منحصرا في الواجب لغيره أيضا قد عرفت عدم وجوب المناسبة التامة من جميع الوجوه بل يكفي كون كل منهما من متعلقات الحدث والصلاة مع أن حال التيمم أيضا كحال الوضوء في عدم الجزم بوجوبه لغيره الخامس أن توسيطه بين جملتي الوضوء والتيمم الواجبين بالغير يقتضي وجوبه بالغير أيضا وإلا لم يناسب التوسيط وجوابه أيضا يظهر مما ذكر في سابقيه ومنها صحيحة زرارة المتقدمة عن أبي جعفر (عليه السلام) إذا دخل الوقت فقد وجب الطهور والصلاة وقد ما مر فيه ويزيد ها هنا إيراد آخر لجواز أن يكون المراد بالطهور الوضوء لأنه الفرد السابع المتعارف والمتبادر إلى الذهن ومنها ما رواه الشيخ (ره) في زيادات التهذيب في باب الأغسال وكيفية الغسل من الجنابة عن عبد الله بن يحيى الكاهلي قال سئلت أبا عبد الله (عليه السلام) عن المرأة يجامعها الرجل فتحيض وهي في المغتسل فتغتسل أم لا قال قد جاء ما يفسد الصلاة فلا تغتسل ووجه الدلالة أنه عليه السلام نفى الغسل معللا بفساد الصلاة في أصل كلامه عليه السلام أن الفرض من الغسل الصلاة ولما جاء ما يفسدها فلا غسل وهذا دلالة ظاهرة على وجوبه لغيره لا لنفسه ويورد
(٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ترجمة المصنف (قدس) 2
2 ترجمة الشارح (قدس) 3
3 كتاب الطهارة معنى الطهارة لغة 5
4 اشتراط النية في الطهارة 5
5 في وجوب الوضوء 5
6 بيان وجوب الوضوء لمس خط القرآن 11
7 وجوب غسل الجنابة للصلاة 15
8 في وجوب التيمم للصلاة 16
9 في بيان وجوب الطهارات لنفسها أو لغيرها 26
10 حكم امكان التوضؤ والغسل والتيمم قبل الوقت وعدم امكانه بعد الوقت 32
11 استحباب الوضوء للصلوات المندوبة 33
12 تنبيه في التسامح في أدلة السنن 34
13 استحباب غسل الجمعة 39
14 وقت غسل الجمعة 41
15 الأغسال المستحبة في شهر رمضان 43
16 استحباب غسل العيدين 44
17 في الأغسال المستحبة 44
18 في رافعية الغسل المندوب للحدث 47
19 في استحباب التيمم بدل الوضوء المستحب 50
20 موجبات الوضوء 51
21 موجبات الغسل 61
22 في وجوب الوضوء مع الأغسال الواجبة الا الجنابة 69
23 وجوب ستر العورة عن الناظر 70
24 حرمة استقبال القبلة واستدبارها 70
25 في المسح بالحجر 75
26 مستحبات التخلي 78
27 فيما يستحب حال التخلي 78
28 ما يستحب عند الاستنجاء 79
29 في كيفية الخرطات التسع 80
30 المكروهات في حال التخلي 81
31 في عدم اشتراط الاستنجاء في صحة الوضوء 86
32 في وجوب النية المشتملة على القربة عند الوضوء 88
33 في حكم المبطون والسلس والمستحاضة 91
34 في اشتراط قصد الإطاعة وعدمه 91
35 فيما لو نوى رفع حدث واستباحة صلاة بعينها 94
36 عدم صحة الطهارة وغيرها من العبادات من الكافر 98
37 في بطلان لو نوى لكل عضو نية تامة 98
38 حكم البالغ في الوقت 100
39 في حد غسل الوجه 100
40 غسل الاذنين ومسحهما بدعة 107
41 في حد غسل اليدين 108
42 عند افتقار الطهارة إلى معين بأجرة 112
43 في حد مسح الرأس 112
44 في كراهة مسح جميع الرأس 118
45 وجوب مسح الرجلين 118
46 في عدم جواز المسح على حائل من خف وغيره الا لتقية أو ضرورة 125
47 في اشتراط الموالاة 127
48 سنن الوضوء 131
49 فيما لو شك في عدد الغسلات السابقة بنى على الأقل 138
50 فيما لو شك في الحدث والطهارة بنى على المتيقن 141
51 في تعدد الوضوء ولا يعلم محل المتروك 145
52 في زوال العذر في الوضوء 153
53 حصول الجنابة بانزال المني 156
54 حصول الجنابة بمواراة الحشفة أو قدرها من المقطوع 160
55 حكم من لو وجد المني على ثوبه 162
56 فيما يحرم في حال الجنابة 164
57 في كيفية الغسل 168
58 في مستحبات الغسل 176
59 هل يكفى المسح كالدهن أم تجب الإفاضة 177
60 حكم ما لو أحدث في أثناء الغسل 179
61 درس: في الماء المطلق في اختلاط الماء الطاهر بالنجس وهي أربعة أقسام باعتبار اختلاف احكامها 185
62 أولا: الراكد دون الكر 185
63 ثانيا: في الماء الراكد الكثير 196
64 وثالثا: في الماء الجاري نابعا 205
65 في حكم ماء الغيث النازل كالنابع 211
66 رابعا: ماء البئر 215
67 في كيفية طهارة ماء البئر إذا وقع فيه شئ 220
68 فيما لو تغير ماء البئر 238
69 فيما لو اتصل ماء البئر بماء جارى طهرت 241
70 فيما إذا غارت البئر ثم عادت 244
71 في استحباب تباعد البئر عن البالوعة 246
72 في طهورية الماء المستعمل في الوضوء 247
73 طهارة الماء المستعمل في الاستنجاء 252
74 في حكم الماء المستعمل في إزالة النجاسات 254
75 الماء المضاف لا يرفع حدثا ولا يزيل خبثا 259
76 في طهارة الخمر بالخلية والمرق المتنجس بقليل الدم بالغليان 262
77 فيما لو اشتبه المطلق بالمضاف وفقد غيرهما تطهر بكل منهما 264
78 كراهة سؤر الجلال وآكل الجيف مع الخلو عن النجاسة 268
79 في سؤر غير مأكول اللحم 270
80 حرمة استعمال الماء النجس والمشتبه به في الطهارة 281
81 فيما إذا صلى بالمشتبه أعاد الصلاة في الوقت وخارجه 288
82 لا يشترط في التيمم عند اشتباه الانية اهراقها 292
83 حكم النجاسات وهي عشر البول والغائط 293
84 المني والدم من ذي النفس السائلة 301
85 الميتة من ذي النفس السائلة 309
86 الكلب والخنزير ولعابهما 321
87 المسكرات 326
88 تذنيب في استدلال العلامة على طهارة الخمر وجوابه 333
89 في حكم الفقاع 336