مشارق الشموس (ط.ق) - المحقق الخوانساري - ج ١ - الصفحة ١٩٢
أن يكون ملاقاة أكثر الاجزاء أو القدر المعتد به منها لها مدخل في الطهارة وبالجملة التطهير إنما هو أمر شرعي لا مدخل للعقل فيه وقد ثبت بالاجماع أن الالقاء دفعة مطهر فالتعدي إلى غيره مما لا نص فيه ليس بجايز وإن لم يظهر لنا الفرق بينهما لما عرفت من عدم مدخلية العقل في هذه الأمور فكيف مع ظهور الفرق إذ ما لا يدرك كله لا يترك كله فلما لم يكن الملاقاة بالأسر فلا أقل من ملاقاة الأكثر أو القدر المعتد به وعلى الثاني إن عموم طهورية الماء غير مسلم لعدم دليل إذا الدلايل الدالة على طهوريته إنما يدل على طهوريته في الجملة كما مر في بابه خصوصا مع ما قد عرفت من وجود الرواية الدالة بظاهرها على أن الماء لا يطهر بشئ سلمنا لكن نقول إن الماء يطهر ما يلاقيه وملاقة الكر ههنا إنما هو مع سطح الماء النجس فيلزم أن يطهر ذلك السطح وليس سطح آخر متصل بذلك السطح الامتناع تتالي السطوح حتى يطهر ذلك السطح أيضا هكذا إلى الاخر بل هذا السطح إنما هو انتهاء الماء النجس ولا دليل على طهارة الجسم كله بطهارة سطحه وهو ظاهر ويمكن إجراء هذا التقريب بوجه آخر سيجئ إن شاء الله تعالى في بحث ماء المطهر وعلى الثالث أن الأصل لا معنى له بل الأصل مع خلافة إذ قد تحقق النجاسة والأصل بقائها حتى يثبت المزيد هذا ويمكن أن يأتي أنك قد عرفت فيما سبق أن الروايات الدالة على نجاسة القليل بالملاقاة مما لا يكاد يسلم عن المناقشة والعمدة في التمسك بنجاسة الشهرة بين الأصحاب ولا يخفى أن الشهرة ليست بعد الاتصال فيبنى على أصل الطهارة وانعقاد الاجماع على أن بعد ثبوت النجاسة يستمر حكمها حتى يحصل اليقين بمزيلها مم والاستصحاب في مثل هذا الموضع قد عرفت ماله إلا أن يأتي الشهرة بين الأصحاب قرينة على أن المراد بالروايات الدالة على النجاسة ظاهرها ومعارضاتها إنما تكون أولة وبعض الروايات كما عرفت دالة على النهى عن الوضوء بذلك الماء والشرب منه وإراقته والنهى يدل على التكرار والدوام ظاهرا فيستصحب حكمه يثبت المزيد وللتأمل فيه مجال واسع ولا يبعد أيضا أن يقول هب أن الشهرة دلت على ما ذكر لكن غاية ما فيه أن تكون الروايات ظاهرة في نفسها على دوام النهى لكن بعد وجود الخلاف في أن منتهاه ماذا هل هو الامتزاج أو الاتصال وعدم شهرة أحدهما بين الأصحاب يحصل الشك في التكليف وقد عرفت مرارا حال الشك ولا يذهب عليك أن إجراء هذا النحو من الكلام في القليل متغيرا شكل إذ ظهور دلالة الروايات الواردة فيه ليس اعتبار والشهرة فقط لعدم معارض لها بعضها ظاهر في استمرار النجاسة كما لا يخفى فيستصحب حتى يثبت المزيل والأولى رعاية الامتزاح وعدم الاكتفاء بالاتصال احتياط سيما في المتغير الثاني إن ألقاه الكر هل يجب أن يكون دفعة بمعنى وقوع جميع أجزائه في زمان قصير بحث يصدق عليه في العرف اسم الدفعة إذ الدفعة الحقيقية محال أو لا يجب بل يكفي وقوعه تدريجا لكن بشرط عدم الانقطاع ففي بعض كلماتهم يوعد التقييد بالدفعة وفى بعض آخر كعبارة المبسوط والخلاف والمعتبر لا تقييد والمصنف في الذكرى لم يقيد بالدفعة وقيده بالاتصال واعترضه المحقق الشيخ على (ره) بأن وصول أول جزء إلى النجس يقتضى نقصانه عن الكر فلا يطرح بورود النص بالدفعة وتصريح الأصحاب بها وأجيب عنه بأنه يكفي الطهارة بلوغ المطهر الكر حال الاتصال إذا لم تغير بعضه بالنجاسة وإن نقص بعد ذلك مع أن مجرد الاتصال لا يقتضى النقصان كما هو واضح وما ادعاء من ورود النص بالدفعة منظور فيه إذ لم يوقف عليه في كتب الحديث ولا نقله ناقل في كتب الاستدلال وتصريح الأصحاب ليس حجة مع أن العلامة في التحرير والمنتهى اكتفى في تطهير الغدير القليل النجس بالغدير البالغ كرا ومقتضى ذلك الأكفاء في طهارة القليل باتصال الكر وإن لم يلقى كله فضلا عن كونه دفعة ويمكن أن يقول أن ما ذكره من أنه يكفي في الطهارة بلوغ المطهر الكر حال الاتصال مم لما عرفت من عدم تمامية أدلته إلا أن يكون إلزاما على المعترض حيث اكتفى بالاتصال وقد يقول أنه وإن اكتفى بالاتصال لكن يعتبر مساواة السطوح والاجتماع في الكر فعلى تقدير الالقاء تدريجا لما لم يبق المساواة و الاجتماع بحالهما فعند ملاقاته بالنجس يصير نجسا فينقص عن الكر فلا يفيد التطهير وعلى هذا يندفع قوله مع أن مجرد الاتصال الخ أيضا كما لا يخفى و فيه أنه صرح في بعض تحقيقاته كما نسب إليه الشهيد الثاني تقوى الأسفل بالأعلى فهذا التوجيه لا يتمشى من قبله لكن لا يخفى أنا لم نقف في كلامه على هذا المعنى وإن ما يوهم ذلك من كلامه المراد منه شئ آخر وسنشير إليه فيما بعد إن شاء الله تعالى إلا أن يستنبط من كلامه في موضع آخر هذا وقد فصل بعض المحققين ههنا وذكروا أنه لا يخلو إما أن يعتبر في عدم انفعال الماء الكثير بالملاقاة استواء أسطحه أم لا وعلى التقديرين إما أن يعتبر الممازجة أو لا فإن لم يعتبر استواء السطح ولم يعتبر الممازجة فحينئذ لا يشترط الذريعة بل يكفي الاتصال كما ذكره الشهيد بل لا يلزم حينئذ إلقاء جميع الكر بل يكفي وصول أوله إليه نعم لو كان النجس متغيرا فلا بد من أن يدخل ماء الكر فيه بقدر ما يزيل تغيره ويشترط إذن أن لا يتغير بعض أجزاء الملقى ويزيد على الكر بقدر الاجزاء المتغيرة والحاصل أنه يشترط بقاء كر غير متغير متصل بالنجس وإن اعتبر استواء السطح فلا بد من الالقاء دفعة سواء اشترط الممازجة أو لا وسواء كان النجس متغيرا أو لا إذ مع انتفاء الدفعة يخرج الكر عن استواء السطوح فينجس جزئه الأول بالنجس وهكذا فلا يفيد التطهير فلا بد من الدفعة لئلا يخرج عن استواء السطح ولم ينفعل عن النجاسة وإن لم يعتبر استواء السطح واعتبر الممازجة فحينئذ أيضا لا يلزم الدفعة بل لابد من شيوع أجزائه فيه وإن لم يدخل جميع الكر
(١٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 187 188 189 190 191 192 193 194 195 196 197 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ترجمة المصنف (قدس) 2
2 ترجمة الشارح (قدس) 3
3 كتاب الطهارة معنى الطهارة لغة 5
4 اشتراط النية في الطهارة 5
5 في وجوب الوضوء 5
6 بيان وجوب الوضوء لمس خط القرآن 11
7 وجوب غسل الجنابة للصلاة 15
8 في وجوب التيمم للصلاة 16
9 في بيان وجوب الطهارات لنفسها أو لغيرها 26
10 حكم امكان التوضؤ والغسل والتيمم قبل الوقت وعدم امكانه بعد الوقت 32
11 استحباب الوضوء للصلوات المندوبة 33
12 تنبيه في التسامح في أدلة السنن 34
13 استحباب غسل الجمعة 39
14 وقت غسل الجمعة 41
15 الأغسال المستحبة في شهر رمضان 43
16 استحباب غسل العيدين 44
17 في الأغسال المستحبة 44
18 في رافعية الغسل المندوب للحدث 47
19 في استحباب التيمم بدل الوضوء المستحب 50
20 موجبات الوضوء 51
21 موجبات الغسل 61
22 في وجوب الوضوء مع الأغسال الواجبة الا الجنابة 69
23 وجوب ستر العورة عن الناظر 70
24 حرمة استقبال القبلة واستدبارها 70
25 في المسح بالحجر 75
26 مستحبات التخلي 78
27 فيما يستحب حال التخلي 78
28 ما يستحب عند الاستنجاء 79
29 في كيفية الخرطات التسع 80
30 المكروهات في حال التخلي 81
31 في عدم اشتراط الاستنجاء في صحة الوضوء 86
32 في وجوب النية المشتملة على القربة عند الوضوء 88
33 في حكم المبطون والسلس والمستحاضة 91
34 في اشتراط قصد الإطاعة وعدمه 91
35 فيما لو نوى رفع حدث واستباحة صلاة بعينها 94
36 عدم صحة الطهارة وغيرها من العبادات من الكافر 98
37 في بطلان لو نوى لكل عضو نية تامة 98
38 حكم البالغ في الوقت 100
39 في حد غسل الوجه 100
40 غسل الاذنين ومسحهما بدعة 107
41 في حد غسل اليدين 108
42 عند افتقار الطهارة إلى معين بأجرة 112
43 في حد مسح الرأس 112
44 في كراهة مسح جميع الرأس 118
45 وجوب مسح الرجلين 118
46 في عدم جواز المسح على حائل من خف وغيره الا لتقية أو ضرورة 125
47 في اشتراط الموالاة 127
48 سنن الوضوء 131
49 فيما لو شك في عدد الغسلات السابقة بنى على الأقل 138
50 فيما لو شك في الحدث والطهارة بنى على المتيقن 141
51 في تعدد الوضوء ولا يعلم محل المتروك 145
52 في زوال العذر في الوضوء 153
53 حصول الجنابة بانزال المني 156
54 حصول الجنابة بمواراة الحشفة أو قدرها من المقطوع 160
55 حكم من لو وجد المني على ثوبه 162
56 فيما يحرم في حال الجنابة 164
57 في كيفية الغسل 168
58 في مستحبات الغسل 176
59 هل يكفى المسح كالدهن أم تجب الإفاضة 177
60 حكم ما لو أحدث في أثناء الغسل 179
61 درس: في الماء المطلق في اختلاط الماء الطاهر بالنجس وهي أربعة أقسام باعتبار اختلاف احكامها 185
62 أولا: الراكد دون الكر 185
63 ثانيا: في الماء الراكد الكثير 196
64 وثالثا: في الماء الجاري نابعا 205
65 في حكم ماء الغيث النازل كالنابع 211
66 رابعا: ماء البئر 215
67 في كيفية طهارة ماء البئر إذا وقع فيه شئ 220
68 فيما لو تغير ماء البئر 238
69 فيما لو اتصل ماء البئر بماء جارى طهرت 241
70 فيما إذا غارت البئر ثم عادت 244
71 في استحباب تباعد البئر عن البالوعة 246
72 في طهورية الماء المستعمل في الوضوء 247
73 طهارة الماء المستعمل في الاستنجاء 252
74 في حكم الماء المستعمل في إزالة النجاسات 254
75 الماء المضاف لا يرفع حدثا ولا يزيل خبثا 259
76 في طهارة الخمر بالخلية والمرق المتنجس بقليل الدم بالغليان 262
77 فيما لو اشتبه المطلق بالمضاف وفقد غيرهما تطهر بكل منهما 264
78 كراهة سؤر الجلال وآكل الجيف مع الخلو عن النجاسة 268
79 في سؤر غير مأكول اللحم 270
80 حرمة استعمال الماء النجس والمشتبه به في الطهارة 281
81 فيما إذا صلى بالمشتبه أعاد الصلاة في الوقت وخارجه 288
82 لا يشترط في التيمم عند اشتباه الانية اهراقها 292
83 حكم النجاسات وهي عشر البول والغائط 293
84 المني والدم من ذي النفس السائلة 301
85 الميتة من ذي النفس السائلة 309
86 الكلب والخنزير ولعابهما 321
87 المسكرات 326
88 تذنيب في استدلال العلامة على طهارة الخمر وجوابه 333
89 في حكم الفقاع 336