كان اليوم المذكور يوم قصر يصلى اثنين ثنائية مرددة بين أربع ومغربا والخلاف المذكور جار ها هنا أيضا وذهب ابن إدريس أيضا في هذه الصورة إلى ما ذهب إليه الشيخ باعتبار إن الرواية الدالة على الترديد مختصة بالتمام (ولو فسدت طهارتان صلى المتيمم أربعا والمقصر ثلاثا والمشتبه خمسا مراعين للترتيب) بناء على جواز الترديد والصلاة الأربع التي يصليها المتيمم ثنائية للصبح ثم رباعية مرددة بين الظهر والعصر والعشاء أيضا ثم مغرب ثم رباعية أيضا مرددة بين العصر والعشار الترتيب أيضا يحصل على ما ذكرنا كما لا يخفى والثلاث التي يصليها للقصر ثنائية مرددة بين الصبح والظهر والعصر ثم مغرب ثم ثنائية أخرى مرددة بين الظهر العصر والعشاء وبهذا يحصل الترتيب أيضا والخمس التي يصليها المشتبه بين القصر والتمام ثنائية مرددة بين الصبح والظهر والعصر ثم رباعية مرددة بين الظهرين ثم مغرب ثم ثنائية مرددة بين ما عدا الصبح ورباعية مرددة بين العصر والعشاء ولا ترتيب بين الأخيرين واعلم إن المصنف (ره) في الذكرى قال أنه على مذهب الشيخ من وجوب التعيين يجب في هذا الغرض لكل فائتة مبهمة خمس صلوات وفيه نظر إذ ظاهر أن وجوب التعيين لا يستلزم إلا وجوب خمس صلوات فقط إذ على تقديرها يحصل التعيين في كل من الفائتتين نعم لو رأى تصريحا من الشيخ أو أبي الصلاح وابن زهرة بهذا المعنى لكان شيئا آخر وأما مع عدم التصريح فلا وجه لنسبة هذا إليهم ثم إن بيان وجوب إعادة الصلاة في هذه الفروض جميعا ورعاية الترتيب في صوره التعدد إنما يأتي الكلام فيه إنشاء الله تعالى في كتاب الصلاة (والجبائر تنزع أو تخلل فإن تعذر امسح عليها ولو في موضع الغسل) الجبيرة في الأصل الخرقة مع العيدان التي يشد على العظام المكسورة لكن الفقهاء يطلقونها على ما يشد به القروح والجروح أيضا ويسون بينهما في الاحكام واعلم إن الجبيرة أما أن يكون على أعضاء الغسل فإن أمكن نزعها وغسل العضو بدون ضرر ومشقة أو تكرار الماء عليها بحيث يصل إلى العضو ويجري عليه مع طهارته أو إمكان إزالة نجاسة وجب أحد الامرين من النزع وتكرار الماء فإن أمكنا معا تخير وإن أمكن أحدهما فقط تعين أما الأول فللأمر بالغسل مطلقا فيجب مع الامكان وها هنا ممكن فيجب ولما أمكن حصوله من وجهين ولا دليل على تعين أحدهما فيكون المكلف مخيرا بينهم وأما الثاني فلتوقف تحصيل الواجب المطلق عليه وما ورد في بعض الروايات من إطلاق الامر بالنزع مع الامكان كما سنذكر إنشاء الله تعالى وكذا في عبارات الأصحاب فالظاهر أنه محمول على تعذر التكرار والاستحباب أو يكون من قبيل الامر بأحد الفردين المخيرين والاكتفاء به أما لكونه الأغلب أو لمعلومية بدلية الفرد الآخر له فإن قلت لم لم نحمل على تعين وجوب النزع حال الامكان بل تأوله قلت لاطلاق الأوامر بالغسل وعدم صلاحية هذه الرواية للتقييد أما أولا فلعدم ظهورها فيه بل يحتمل الوجوه المذكورة احتمالا غير مرجوح وأما ثانيا فلان الظاهر عدم ذهاب أحد من الأصحاب إليه سوى ما يفهم ظاهرا من التهذيب كما سنذكره ويؤيده أيضا ما رواه التهذيب في زيادات باب المياه شا في الموثق عن إسحاق بن عمار أو عمار بن موسى عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال سئل عن رجل ينكسر ساعده أو موضع من مواضع الوضوء فلا يقدر أن يمسح عليه بحال الجبر إذا جبر كيف يصنع قال إذا أراد أن يتوضأ فليضع إناء فيه ماء ويضع موضع الجبر في الماء حتى يصل الماء إلى جلد وقد أجزئه ذلك من غير أن يحله وإنما حكمنا عليه بالتأييد لاحتمال حمله على تعذر الحل واستفيد أيضا منه وجوب إيصال الماء مع الامكان فإن قلت دلالته على وجوب الايصال مطلقة فلم تحمله على حال الامكان قلت للاجماع ظاهرا ولزوم الحرج والمشقة وللروايات الآتية وقد حمل الشيخ هذا الخبر على الاستحباب معللا بأنه قد بين أنه يجزي من الجباير أن يمسح عليها إذا لم يمكن حلها وإذا أمكن حلها فلا بد من ذلك وفيه نظر لان ما ذكره من وجوب الحل إذا أمكن غير مسلم عند إمكان وصول الماء إليه بدونه وأيضا الحمل على الاستحباب لا معنى له ها هنا لأنه أما أن لا يمكن إيصال الماء إليه للضرر والمشقة فلا يستحب بل يحرم وإن أمكن فالظاهر الوجوب لما عرفت حمل الخبر على إمكان إيصال الماء أما مع إمكان الحل أيضا أولا وإن لم يكن أحد الامرين لا النزاع ولا التكرار فيجب غسل ما عدا موضع الجبيرة والمسح عليها أما غسل ما عداها فللاجماع ويدل عليه أيضا ما رواه التهذيب في زيادات صفة الوضوء في الصحيح عن عبد الرحمن بن الحجاج فإن سئلت أبا الحسن (عليه السلام) عن الكسر يكون عليه الجباير أو يكون به الجراحة كيف يصنع بالوضوء وعند غسل الجنابة وغسل الجمعة قال يغسل ما وصل إليه الغسل مما طهر مما ليس عليه الجباير ويدع ما سوى ذلك مما لا يستطيع غسله ولا ينزع الجباير ويعبث بجراحته وهذه الرواية في الكافي أيضا في باب الجباير مع التصريح في بعض نسخه باسم الرضا (عليه السلام) وروى التهذيب في الباب المذكور أيضا هذه الرواية بطريق آخر صحيح عن عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي إبراهيم (عليه السلام) لكن فيه بعض من التغيير إذ ليس فيه أو يكون به الجراحة وزيد فيها كلمة لا قبل يعبث بجراحته وقال الصدوق في الفقيه في باب حد الوضوء وقد روى في الجباير عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال يغسل ما حولها وأما المسح عليها فللاجماع أيضا كما هو أظهر التذكرة ويدل عليه أيضا ما رواه التهذيب في الباب المذكور في الحسن عن الحلبي عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه سئل عن الرجل يكون به القرحة في ذراعه أو نحو ذلك من موضع الوضوء فيعصبها بالخرقة ويتوضأ ويمسح عليها إذا توضأ قال إن كان يؤذيه الماء فليمسح على الخرقة وإن كان لا يؤذيه الماء فلينزع الخرقة ثم ليغسلها قال وسألته عن الجرح كيف يصنع به في غسله قال يغسل ما حوله وهذه الرواية في الكافي أيضا في الباب المذكور وما ذكرنا أنه يدل على وجوب نزع الخرقة مع الامكان هو هذه وما رواه أيضا في هذا الباب في الحسن عن كليب الأسدي قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الرجل إذا كان كسيرا كيف يصنع بالصلاة قال إن كان يتخوف على نفسه فليمسح على جبائر وليصل فإن قلت هاتان الروايتان تعارضهما الرواية الصحيحة السابقة حيث قال (عليه السلام) ويدع ما سوى ذلك فيجب أن تحملا على الاستحباب جمعا
(١٤٩)