مرفوعا عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) في مسح القدمين ومسح الرأس قال مسح الرأس واحدة من مقدم الرأس ومؤخره ومسح القدمين ظاهرهما وباطنهما وما رواه أيضا في هذا الباب في الحسن عن الحسين بن أبي العلاء قال سئلت أبا عبد الله (عليه السلام) عن المسح على الرأس فقال كأني نظر إلى عكنة في قفاء أبي يمر عليها يده وسألته عن الوضوء بمسح الرأس مقدمه ومؤخره قال كأني أنظر إلى عكنة في رقبة أبي يمسح عليها فمع عدم صحة إسنادها إنما تحمل على التقية لموافقتها لمذهب العامة والظاهر أن إجماعنا منعقد على عدم استحباب الزايد على مقدم الرأس فلو لم يكن كذلك لأمكن حمل هذه الروايات على الاستحباب ثم اعلم إن إجماعنا انعقد على جواز المسح ببشرة مقدم الرأس وشعره المختص به ونقل من بعض الشافعية جواز المسح على البشرة إذا كان محلوقا وإلا فيجب المسح على الشعر قياسا على اللحية وفسروا الشعر المختص بما لا يخرج بالمد عن حد المقدم وحكموا بعدم جواز المسح على القدر الخارج وسنذكر إنشاء الله تعالى في بحث المسح على الحايل (بمسماه ولا يحصل بأقل من إصبع وقيل ثلاث مضمومة للمختار أي بما يسمى مسحا وفيه أيضا حكمان الاكتفاء بالمسمى وعدم حصوله إلا بالإصبع والحاصل وجوب مقدار الإصبع وعدم وجوب الزايد عليه أما عدم وجوب الزايد فهو المشهور بين الأصحاب وحكموا باستحباب قدر ثلاث أصابع مضمومة والظاهر من كلام الصدوق (ره) في الفقيه حيث قال وحد مسح الرأس أن يمسح بثلاث أصابع مضمومة من مقدم الرأس وكلام الشيخ في النهاية حيث قال والمسح بالرأس لا يجوز أقل من ثلاث أصابع مضمومة مع الاختيار فإن خاف البرد من كشف الرأس أجزئه مقدار إصبع واحدة وجوب ذلك المقدار ونسب في المعتبر والمنتهى القول بوجوب ذلك القدر إلى المرتضى أيضا في مسائل الخلاف واحتمل العلامة (ره) في المختلف أن يكون كلام النهاية والفقيه محمولا على الفضيلة دون الوجوب وقال أن الشيخ كثيرا ما يطلق على المندوب أنه لا يجوز تركه وبالجملة الظاهر ما هو المشهور لصدق الامتثال وأصل البراءة عن الزايد ويدل عليه أيضا ما رواه التهذيب في الباب المذكور في الصحيح عن زرارة وبكير ابني أعين عن أبي جعفر (عليه السلام) أنه قال في المسح تمسح على النعلين ولا تدخل يدك تحت الشراك وإذا مسحت بشئ من رأسك أو بشئ من قدميك ما بين كعبيك إلى أطراف الأصابع فقد أجزأك وما رواه أيضا في هذا الباب في الصحيح عنهما أيضا أنهما سئلا أبا جعفر (عليه السلام) عن وضوء رسول الله (صلى الله عليه وآله) فدعا بطست أو تور فيه ماء ثم حكى وضوء رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى أن انتهى إلى آخر ما قاله الله تعالى وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم فقال فإذا مسح بشئ من رأسه أو بشئ من رجليه قدميه ما بين الكعبين إلى آخر أطراف الأصابع فقد أجزأه وهذه الرواية في الكافي أيضا بطريق حسن بإبراهيم في باب صفة الوضوء وقد نقلنا رأس الرواية في باب نكس غسل اليدين وما في الكافي هكذا بعد اتمام صفة الوضوء ثم قال ولا يدخل أصابعه تحت الشراك ثم قال إن الله عز وجل يقول يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم فليس له أن يدع شيئا من وجهه إلا غسله وأمر بغسل اليدين إلى المرفقين فليس له أن يدع من يديه إلى المرفقين شيئا إلا غسله لان الله يقول اغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق ثم قال وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين فإذا مسح بشئ من رأسه وبشئ من قدميه ما بين الكعبين إلى أطراف الأصابع فقد أجزأه وما رواه أيضا في هذا الباب في الصحيح عن حماد بن عيسى عن بعض أصحابه عن أحدهما (عليهما السلام) في الرجل يتوضأ وعليه العمامة قال يرفع العمامة بقدر ما يدخل إصبعه فيمسح على مقدم رأسه ويمكن أن يناقض فيه بحمله على الضرورة بقرينة المقام فيكون موافقا لما في النهاية واستدل العلامة في المختلف على المشهور بما رواه التهذيب في هذا الباب عن الحسين قال قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) رجل توضأ وهو معتم وثقل عليه نزع العمامة لمكان البرد فقال ليدخل إصبعه وفيه نظر لأنه لا ينافي ظاهر كلام النهاية من عدم الاكتفاء بما دون ثلاث أصابع عند عدم الضرورة مع أنه ضعيف السند أيضا والذي يمكن أن يحتج به على ظاهر ما ذهب إليه الصدوق والمرتضى ما رواه في التهذيب في الباب المذكور بطريقين صحيح وحسن عن زرارة قال قال أبو جعفر (عليه السلام) المرأة يجزيها من مسح الرأس أن يمسح مقدمه قدر ثلاث أصابع ولا تلقي عنها خمارها وهذه الرواية في الكافي أيضا بالطريق الحسن في باب مسح الرأس والجواب بحمله على الفضيلة والاستحباب جمعا بين الروايات مع أنه يمكن أن يكون الحكم بالاجزاء بالنظر إلى عدم القاء الخمار لا المسح فإن قلت لم لم تحمل الروايات المتقدمة على الضرورة ليحصل الجمع قلت أما أولا فلكثرة تلك الروايات فينبغي إن تبقى على حالها ويرتكب التأويل في خلافها الذي ليس بتلك الكثرة وأما ثانيا فلانه على تقدير تسليم صلاحية المعارضة لما كان الأصل عدم وجوب الزايد فيصار إليه ويمكن أن يحتج أيضا عليه بما رواه التهذيب في الباب المذكور عن معمر بن عمر عن أبي جعفر (عليه السلام) قال يجزي من المسح على الرأس موضع ثلاث أصابع وكذلك الرجل وهذه الرواية في الكافي أيضا في باب مسح الرأس والجواب ما عرفت مع أن الرواية ضعيفة السند ولو أخذت هاتان الروايتان مع رواية الحسين المتقدمة يكون حجة لظاهر النهاية والجواب أيضا ما عرفت وأما وجوب قدر الإصبع فقد نسب المصنف (ره) في الذكرى القول به إلى الراوندي في أحكام القرآن وهو الظاهر أيضا من كلام المفيد (ره) في المقنعة حيث قال ويجزي للانسان في مسح رأسه أن يمسح من مقدمه مقدار إصبع يضعها عليه عرضا مع الشعر إلى قصاصه وإن مسح منه مقدار ثلاث أصابع مضمومة بالعرض كان أسبغ وفعل الأفضل من كلام الشيخ (ره) أيضا في التهذيب حيث قال في شرح هذا الكلام المنقول عن المقنعة يدل على ذلك قوله تعالى وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم ومن مسح رأسه ورجليه بإصبع واحدة فقد دخل تحت الاسم ويسمى ماسحا ولا يلزم على ذلك ما دون الإصبع لأنا لو خلينا والظاهر لقلنا بجواز ذلك لكن السنة منعت منه ومن المختلف أيضا حيث قال المشهور فيما بين علمائنا الاكتفاء في مسح الرأس والرجلين بإصبع واحدة لكن الظاهر من كلام المبسوط والمعتبر والتذكرة والمنتهى والسرائر عدم التحديد بهذا الحد أيضا بل يكفي ما يسمى مسحا وهو الظاهر أما الأصل وصدق الامتثال وروايتا زرارة وبكير المنقولتان آنفا والذي يمكن أن يحتج به على وجوب قدر الإصبع روايتا حماد والحسين المتقدمتان وفيه إنهما لا دلالة لهما على
(١١٣)