فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أكل ولدك نحلته مثل هذا فقال لا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فأرجعه قال أبو جعفر فذهب قوم إلي أن الرجل إذا نحل بعض بنيه دون بعض أن ذلك باطل واحتجوا في ذلك بهذا الحديث وقالوا قد كان النعمان في وقت ما نحله أبوه صغيرا فكان أبوه قابضا له لصغره عن القبض لنفسه فلما قال النبي صلى الله عليه وسلم أردده بعد ما كان في حكم ما قبض دل هذا أن النحلى من الوالد لبعض ولده دون بعض لا يملكه المنحول ولا ينعقد له عليه هبة وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا ينبغي للرجل أن يسوي بين ولده في العطية ليستووا في البر ولا يفضل بعضهم على بعض فيوقع ذلك له الوحشة في قلوب المفضولين منهم فإن نحل بعضهم شيئا دون بعض وقبضته المنحول لنفسه إن كان كبيرا أو قبضه له أبوه من نفسه إن كان صغيرا بإعلامه إياه والاشهاد به فهو جائز وكان من الحجة لهم في ذلك أن حديث النعمان الذي ذكرنا قد روى عنه على ما ذكروا وليس فيه دليل أنه كان حينئذ صغيرا ولعله وقد كان كبيرا ولم يكن قبضه وقد روى أيضا على غير هذا المعنى الذي في الحديث الأول فحدثنا نصر بن مرزوق قال ثنا الخصيب بن ناصح قال ثنا وهيب عن داود بن أبي هند عن عامر الشعبي عن النعمان بن بشير قال انطلق بي أبي إلى النبي صلى الله عليه وسلم ونحلني نحلي ليشهده على ذلك فقال أكل ولدك نحلته مثل هذا فقال لا قال أيسرك أن يكونوا إليك في البر كلهم سواء قال بلى قال فأشهد علي هذا غيري فكان والذي في هذا الحديث من قول النبي صلى الله عليه وسلم لبشير فيما كان نحله النعمان أشهد على هذا غيري فهذا دليل أن الملك ثابت لأنه لو لم يثبت لا يصح قوله فهذا خلاف ما في الحديث الأول لان هذا القول لا يدل على فساد العقد الذي كان عقده النعمان لان النبي صلى الله عليه وسلم قد يتوفى الشهادة على ماله أن يشهد عليه وعلى الأمور التي قد كانت وكذلك لمن بعده لان الشهادة إنما هي أمر يتضمنه الشاهد للمشهود له فله أن لا يتضمن ذلك وقد يحتمل غير هذا أيضا فيكون قوله أشهد علي هذا غيري أي إني أنا الامام والامام ليس من شأنه أن يشهد وإنما من شأنه أن يحكم
(٨٥)