فكيف يجوز لأحد أن يحمل فعل هؤلاء على خلاف قول النبي صلى الله عليه وسلم ولكن قول النبي صلى الله عليه ولم عندنا فيما ذكرنا من ذلك إنما كان على الاستحباب كاستحبابه التسوية بين أهله في العطية وترك التفضيل لحرهم على مملوكهم ليس على أن ذلك مالا يجوز غيره ولكن على استحبابه لذلك وغيره في الحكم جائز كجوازه وقد اختلف أصحابنا في عطية الولد التي يتبع فيها أمر النبي صلى الله عليه وسلم لبشير كيف هي فقال أبو يوسف رحمة الله عليه يسوى بين الأنثى فيها والذكر وقال محمد بن الحسن رحمة الله عليه بل يجعلها بينهم على قدر المواريث للذكر مثل حظ الأنثيين قال أبو جعفر في قول النبي صلى الله عليه وسلم سووا بينهم في العطية كما تحبون أن يسووا لكم في البر دليل على أنه أراد التسوية بين الإناث والذكور لأنه لا يراد من البنت شئ من البر إلا الذي يراد من الابن مثله فلما كان النبي صلى الله عليه وسلم أراد من الأب لولده ما يريد من ولده له وكان ما يريد من الأنثى من البر مثل ما يريد من الذكر كان ما أراد منه لهم من العطية للأنثى مثل ما أراد للذكر وفي حدث أبي الضحى فقال النبي صلى الله عليه وسلم ألك ولد غيره فقال نعم فقال ألا سويت بينهم ولم يقل ألك ولد غيره ذكر أو أنثى وذلك لا يكون إلا وحكم الأنثى فيه كحكم الذكر ولولا ذلك لما ذكر التسوية إلا بعد علمه أنهم ذكور كلهم فلما أمسك عن البحث عن ذلك ثبت استواء حكمهم في ذلك عنده فهذا أحسن عندنا مما قال محمد رحمة الله عليه وقد روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يدل على ذلك أيضا حدثنا أحمد بن داود قال ثنا يعقوب بن حميد بن كاسب قال ثنا عبد الله بن معاذ عن معمر عن الزهري عن أنس قال كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل فجاء بن له فقبله وأجلسه على فخذه ثم جاءت بنت له فأجلسها إلى جنبه قال فهلا عدلت بينهما أفلا يرى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أراد منه التعديل بين الابنة والابن وأن لا يفضل أحدهما على الآخر فذلك دليل على ما ذكرنا في العطية أيضا باب العمرى
(٨٩)