تقع على عمل بالمال غير معلوم ولا إلى وقت معلوم فكان العمل فيها مجهولا والبدل من ذلك مجهول فقد ثبت في هذه الأشياء التي وصفنا من الإجارات والمضاربات أن حكم كل واحد منها حكم بدله فما كان بدله معلوما فلا يجوز أن يكون في نفسه إلا معلوما وما كان في نفسه غير معلوم فجائز أن يكون بدله غير معلوم ثم رأينا المساقاة والمزارعة والمعاملة لا يجوز واحدة منها إلا إلى وقت معلوم في شئ معلوم فالنظر على ذلك أن لا يجوز البدل منها إلا معلوما وأن يكون حكمها كحكم البدل منها كما كان حكم الأشياء التي ذكرنا من الإجارات والمضاربات حكم أبدالها فقد ثبت بالنظر الصحيح أن لا تجوز المساقاة ولا المزارعة إلا بالدراهم والدنانير وما أشبههما من العروض وهذا كله قول أبي حنيفة رضي الله عنه في هذا الباب وأما أبو يوسف ومحمد بن الحسن رحمهما الله فإنهما قد ذهبا إلى جوازهما جميعا وتركا النظر في ذلك واتبعا ما قد روينا في هذا الباب من الآثار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن أصحابه بعده وقلداها في ذلك الرب عز وجل باب من زرع في أرض قوم بغير إذنهم كيف حكمهم في ذلك وما يروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك حدثنا فهد بن سليمان قال ثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني قال ثنا شريك عن أبي إسحاق عن عطاء عن رافع بن خديج أنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من زرع زرعا في أرض قوم بغير إذنهم فليس له من الزرع شئ ويرد عليه نفقته في ذلك قال أبو جعفر فذهب قوم إلى أن من زرع في أرض قوم زرعا بغير أمرهم كان ذلك الزرع لأرباب الأرض وغرموا للزارع ما أنفق فيه واحتجوا في ذلك بهذا الحديث وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا أصحاب الأرض بالخيار إن شاؤوا خلوا بين الزارع وبين أخذ زرعه ذلك وضمنوه بنقصان أرضهم إن كان زرعه ذلك قد نقص الأرض شيئا وإن شاؤوا منعوا الزارع من ذلك وغرموا له قيمة زرعه ذلك مقلوعا وقد كان لهم من الحجة في ذلك أن هذا الحديث قد روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم على غير ما ذكروه في ذلك وهو كما قد حدثنا أحمد بن أبي عمران قال ثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال ثنا شريك عن أبي إسحاق
(١١٧)