فعلمنا أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحجبها منه لأنه أخوها ولكن لأنه غير أخيها وهو في تلك الحال مملوك فلم يحل له برقه النظر إليها فقد ضاد هذا الحديث حديث أم سلمة وخالفه وصارت الآية التي ذكرنا على قول هذا الذاهب إلى حديث سودة أنها على سائر النساء دون أمهات المؤمنين وأن عبيد أمهات المؤمنين كانوا في حكم النظر إليهن في حكم القرباء منهن الذين لا رحم بينهم وبينهن لا في حكم ذوي الأرحام منهن المحرمة وكل من كان بينه وبينهن محرمة فهو عندنا في حكم ذوي الأرحام المحرمة في منع ما وصفنا ثم رجعنا إلى النظر لنستخرج به من القولين قولا صحيحا فرأينا ذا الرحم لا بأس أن ينظر إلى المرأة التي هو لها محرم إلى وجهها وصدرها وشعرها وما دون ركبتها ورأينا القريب منها ينظر إلى وجهها وكفيها فقط ثم رأينا العبد حرام عليه في قولهم جميعا أن ينظر إلى صدر المرأة مكشوفا أو إلى ساقيها سواء كان رقه لها أو لغيرها فلما كان فيما ذكرنا كالأجنبي منها لا كذي رحمهما المحرم عليها كان في النظر إلى شعرها أيضا كالأجنبي لا كذي رحمها المحرم عليها فهذا هو النظر في هذا الباب وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى وقد وافقهم في ذلك من المتقدمين الحسن والشعبي حدثنا صالح بن عبد الرحمن قال ثنا سعيد بن منصور قال ثنا هشيم قال ثنا مغيرة عن الشعبي ويونس عن الحسن أنهما كرها أن ينظر العبد إلى شعر مولاته باب التكني بأبي القاسم هل يصح أم لا حدثنا أبو أمية قال ثنا علي بن قادم قال ثنا قطر عن منذر الثوري عن محمد بن الحنفية عن علي قال قلت يا رسول الله إن ولد لي بن أسميه باسمك وأكنيه بكنيتك قال نعم قال وكانت رخصة من رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي قال أبو جعفر فذهب قوم إلى أنه لا بأس بأن يكتني الرجل بأبي القاسم وأن يتسمى مع ذلك بمحمد واحتجوا في ذلك بما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث
(٣٣٥)