فهذا عمر قد كان ينهاهم عن السمر بعد العشاء ليرجعوا إلى بيوتهم ليصلوا أو ليناموا نوما ثم يقومون لصلاة يكونون بذلك متهجدين فلما سألهم ما الذي أقعدهم فأخبروه أنه ذكر الله لم ينكر ذلك عليهم وقعد معهم لان ما كان يقيمهم له هو الذي هم قعود له فثبت بذلك أن السمر الذي في حديث أبي وائل عن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمر حدباه إليهم وهو الذي فيه قربة إلى الله عز وجل والنهي عنه في حديث أبي برزة هو ما لا قربة فيه ليستوي معاني هذه الآثار لتتفق ولا تتضاد وقد روينا عن عبد الله بن عباس والمسور بن مخرمة أنهما سمرا إلى طلوع الثريا فذلك عندنا على السمر الذي هو قربة إلى الله عز وجل وقد ذكرنا ذلك الحديث بإسناده فيما تقدم من كتابنا هذا وقد روى عن عائشة رضي الله عنها أيضا من طريق ليس مثله يثبت أنها قالت لا سمر إلا لمصل أو مسافر فذلك عندنا إن ثبت عنها غير مخالف لما روينا وذلك أن المسافر يحتاج إلى ما يدفع النوم عنه ليسير فأبيح بذلك السمر وإن كان ليس بقربة ما لم تكن معصية لاحتياجه إلى ذلك فهذا معنى قولها لا سمر إلا لمسافر وأما قولها أو مصل فمعناه عندنا على المصلي بعد ما يسمر فيكون نومه إذا نام بعد ذلك على الصلاة لا على السمر فقد عاد هذا المعنى إلى المعنى الذي صرفنا إليه معاني الآثار الأول والله أعلم باب نظر العبد إلى شعور الحرائر حدثنا المزني قال ثنا الشافعي قال ثنا سفيان عن الزهري عن نبهان مولى أم سلمة عن أم سلمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا كان لإحداكن مكاتب وكان عنده ما يؤدي فلتحتجب منه قال سفيان سمعته من الزهري وثبتنيه معمر قال أبو جعفر فذهب قوم من أهل المدينة إلى أن العبد لا بأس أن ينظر إلى شعور مولاته ووجهها وإلى ما ينظر إليه ذو محرمها منها واحتجوا في ذلك بهذا الحديث وقالوا في قول النبي صلى الله عليه وسلم لام سلمة فلتحتجب منه دليل على أنها قد كانت قبل ذلك غير محتجبة منه وقالوا قد روى ذلك عن ابن عباس وعمل به أزواج النبي صلى الله عليه وسلم من بعده
(٣٣١)