باب إنشاد الشعر في المساجد حدثنا يونس قال ثنا عبد الله بن يوسف قال حدثني الليث قال حدثني محمد بن عجلان عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن تنشد الاشعار في المسجد وأن يباع فيه السلع وأن يتحلق فيه قبل الصلاة قال أبو جعفر فذهب قوم إلى كراهة إنشاد الشعر في المساجد واحتجوا في ذلك بهذا الحديث وخالفهم في ذلك آخرون فلم يروا بإنشاد الشعر في المسجد بأسا إذا كان ذلك الشعر مما لا بأس بروايته وإنشاده في غير المسجد واحتجوا في ذلك بما قد رويناه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غير هذا الموضع أنه وضع لحسان منبرا في المسجد ينشد عليه الشعر وبما رويناه مع ذلك من حديث حسان رضي الله عنه حين مر به عمر رضي الله عنه وهو ينشد الشعر في المسجد فزجره فقال له حسان رضي الله عنه قد كنت أنشد فيه الشعر لمن هو خير منك وذلك بحضرة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم ينكر ذلك عليه منهم أحد ولا أنكره عليه أيضا عمر رضي الله عنه وكان حديث يونس الذي قد بدأنا بذكره في أول هذا الباب قد يجوز أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد بذلك الشعر الذي نهى عنه أن ينشد في المسجد هو الشعر الذي كانت قريش تهجوه به ويجوز أن يكون هو من الشعر الذي تؤبن فيه النساء وتزرأ فيه الأموال على ما قد ذكرناه في باب رواية الشعر من جواب الأنصار من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لابن الزبير رضي الله عنه بذلك حين أنكر عليهم إنشاد الشعر حول الكعبة وقد يجوز أيضا أن يكون أراد بذلك الشعر الذي يغلب على المسجد حتى يكون كل من فيه أو أكثر من فيه متشاغلا بذلك كمثل ما تأول عليه بن عائشة وأبو عبيد قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لان يمتلئ جوف أحدكم قيحا حتى يريه خير له من أن يمتلئ شعرا على ما قد ذكرنا ذلك عنهما في غير هذا الموضع فيكون الشعر المنهي عنه في هذا الحديث هو خاص من الشعر وهو الذي فيه معنى من هذه المعاني الثلاثة التي ذكرنا حتى لا يضاد ذلك ما قد رويناه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من إباحة ذلك وما عمل به أصحابه من بعده فإن قال قائل فإذا كان كما ذكرت فلم قصد إلى المسجد والذي ذكرت من الذي هجى به النبي صلى الله عليه وسلم
(٣٥٨)