فهؤلاء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه الراشدون المهديون قد نقشوا على خواتيمهم العربية فدل ما فعلوا من ذلك على أنه غير محظور عليهم وأنه إنما أريد بالنهي أن لا ينقش على خاتم الامام لئلا يفتعل فيما بيده من الأموال التي للمسلمين ألا ترى أن عمر قد روينا عنه النهي عن ذلك ثم قد لبس هو من بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ما هو منقوش بالعربية فدل ذلك على أن ما كره من العربية هو العربية الموضوعة على خاتم إمام المسلمين خاصة لا غير ذلك وأما ما روي مما كان نقش خاتم النعمان بن مقرن وابن مسعود وحذيفة فإنه قد يجوز أن يكونوا فعلوا ذلك ولهم أن ينقشوا مكانهم عربيا ولقد حدثني بن أبي داود قال ثنا القواريري قال ثنا عبد الوارث عن عمرو عن الحسن أنه كان يكره أن ينقش الرجل على خاتمه صورة وقال إذا ختمت لها فقد صورت بها باب لبس الخاتم لغير ذي السلطان حدثنا علي بن معبد قال ثنا معلى بن منصور قال ثنا مفضل بن فضالة قال ثنا عياش بن عياش عن الهيثم بن شفي الحجري عن أبي عامر عن أبي ريحانة قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لبوس الخاتم إلا لذي سلطان قال أبو جعفر فذهب قوم إلى كراهة لبس الخاتم إلا لذي سلطان واحتجوا في ذلك بهذا الحديث وخالفهم في ذلك آخرون فلم يروا بلبسه لسائر الناس من سلطان وغيره بأسا وكان من حجتهم في ذلك الحديث الذي قد رويناه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الباب الذي قبل هذا الباب أنه ألقي خاتمه فألقى الناس خواتيمهم فقد دل هذا على أن العامة قد كانت تلبس الخواتيم في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن قال قائل فكيف تحتج بهذا وهو منسوخ قيل له إن الذي احتججنا به عنه ليس بمنسوخ وإنما المنسوخ ترك لبس الخاتم من الذهب للنبي صلى الله عليه وسلم ولغيره من أمته وقبل ذلك فقد كان هو وهم في ذلك سواء
(٢٦٥)