ورجل استوهب فوهب فله الثواب فإن قبل على موهبته ثوابا فليس له إلا ذلك وله أن يرجع في هبته ما لم يثب ورجل وهب واشترط الثواب فهو دين على صاحبها في حياته وبعد وفاته فهذا أبو الدرداء رضي الله عنه قد جعل ما كان من الهبات مخرجه مخرج الصدقات في حكم الصدقات ومنع الواهب من الرجوع في ذلك كما يمنع المتصدق من الرجوع في صدقته وجعل ما كان منها بغير هذا الوجه مما لم يشترط ثواب مما يرجع فيه ما لم يثب الواهب عليه وجعل ما اشترط فيه العوض في حكم المبيع فجعل العوض لواهبه واجبا على الموهوب له في حياته وبعد وفاته فهذا حكم الهبات عندنا فأما ما ذكرنا من انقطاع رجوع الواهب في هبته لموت الموهوب له أو باستهلاكه الهبة فلما روى عن عمر رضي الله عنه أيضا في ذلك حدثنا صالح قال ثنا حجاج بن إبراهيم قال ثنا يحيى عن الحجاج عن الحكم عن إبراهيم عن عمر مثله يعني مثل حديثه الذي ذكرنا في الفصل الذي قبل هذا الفصل وزاد ويستهلكها أو يموت أحدهما فجعل عمر رضي الله عنه استهلاك الهبة يمنع واهبها من الرجوع فيها وجعل موت أحدهما يقطع ما للواهب فيها من الرجوع أيضا فكذلك نقول وقد روى عن شريح في الهبة نظير ما قد روى عن عمر رضي الله عنه حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو عمر قال أخبرنا جرير بن حازم قال سمعت محمدا يحدث أن شريحا قال من أعطى في قرابة أو معروف أو صلة فعطيته جائزة والجانب المستقرب يثب من هبته أو يرد عليه حدثنا يونس قال ثنا سفيان عن أيوب عن ابن سيرين عن شريح مثله قال أبو جعفر وأما هبة كل واحد من الزوجين لصاحبه فإن أبا بكرة قد حدثنا قال ثنا أبو عمر قال أخبرنا حماد بن سلمة عن أيوب عن محمد أن امرأة وهبت لزوجها هبة ثم رجعت فيها فاختصما إلى شريح فقال للزوج شاهداك أنهما رأياها وهبت لك من غير كره ولا هوان وإلا فيمينها لقد وهبت لك عن كره وهوان فهذا شريح قد سأل الزوج البينة أنها وهبت له لا عن كره بعد ارتجاعها في الهبة
(٨٣)