باب الحر يجب عليه دين ولا يكون له مال كيف حكمه حدثنا ابن أبي داود قال ثنا يحيى بن صالح الوحاظي قال ثنا مسلم بن خالد الزنجي عن زيد بن أسلم عن عبد الرحمن بن البيلماني قال كنت بمصر فقال لي رجل ألا أدلك على رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فذهب بي إلى رجل فقلت ممن أنت يرحمك الله فقال أنا سرق فقلت رحمك الله ما ينبغي لك أن تسمى بهذا الاسم وأنت رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم سماني سرق فلن أدع ذلك أبدا قلت ولم سماك سرق قال لقيت رجلا من أهل البادية ببعيرين له يبيعهما فابتعتهما منه وقلت له انطلق معي حتى أعطيك فدخلت بيتي ثم خرجت من خلف لي وقضيت بثمن البعيرين حاجتي وتغيبت حتى ظننت أن الاعرابي قد خرج فخرجت والأعرابي مقيم فأخذني فقدمني إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته الخبر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما حملك على ما صنعت قلت قضيت بثمنهما حاجتي يا رسول الله قال فاقضه قال قلت ليس عندي قال أنت سرق اذهب به يا أعرابي فبعه حتى تستوفي حقك قال فجعل الناس يسومونه في ويلتفت إليهم فيقول ماذا تريدون فيقولون نريد أن نبتاعه منك قال فوالله إن منك أحد أحوج إليه مني اذهب فقد أعتقك حدثنا ابن مرزوق قال ثنا عبد الصمد بن عبد الرزاق قال ثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار قال حدثني زيد بن أسلم قال لقيت رجلا بالإسكندرية يقال له سرق فقلت ما هذا الاسم فقال سمانيه رسول الله صلى الله عليه وسلم قدمت المدينة فأخبرتهم أنه يقدم لي مال فبايعوني فاستهلكت أموالهم فأتوا بي النبي صلى الله عليه وسلم فقال أنت سرق فباعني بأربعة أبعرة فقال له غرماؤه ما يصنع به قال أعتقه قالوا ما نحن بأزهد في الآخر منك فأعتقوني قال أبو جعفر ففي هذا الحديث بيع الحر في الدين وقد كان ذلك في أول الاسلام يبتاع من عليه دين فيما عليه من الدين إذا لم يكن له مال يقضيه عن نفسه حتى نسخ الله عز وجل ذلك فقال وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة وقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك في الذي ابتاع الثمار فأصيب بها فكثر دينه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم تصدقوا فتصدق عليه فلم يبلغ ذلك وفاء دينه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم خذوا ما وجدتم وليس لكم إلا ذلك وقد ذكرنا ذلك بإسناده فيما تقدم من كتابنا هذا ففي قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لغرمائه ليس لكم إلا ذلك دليل على أن لا حق لهم في بيعه ولولا ذلك لباعه لهم كما باع سرق في دينه لغرمائه وهذا قول أهل العلم جميعا رحمهم الله
(١٥٧)