فذلك عندنا والله أعلم على إباحته للوالد أن يأخذ ما وهب لابنه في وقت حاجته إلى ذلك وفقره إليه لان ما يجب للولد من ذلك ليس بفعل يفعله فيكون ذلك رجوعا منه يكون مثله فيه كمثل الكلب المتراجع في قيئه ولكنه شئ أوجبه الله عز وجل له لفقره فلم يضيق ذلك عليه كما قد روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضا في غير هذا الحديث حدثنا يونس قال ثنا علي بن معبد قال ثنا عبد الله بن عمرو عن عبد الكريم بن مالك عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رجلا أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إني أعطيت أمي حديقة وإنها ماتت ولم تترك وارثا غيري فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وجبت صدقتك ورجعت إليك حديقتك قال أبو جعفر أفلا ترى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أباح للمتصدق صدقته لما رجعت إليه بالميراث ومنع عمر بن الخطاب رضي الله عنه من ابتياع صدقته فثبت بهذين الحديثين إباحة الصدقة الراجعة إلى المتصدق بفعل الله كراهة الصدقة الراجعة إليه بفعل نفسه فكذلك وجوب النفقة للأب من مال الابن لحاجته وفقره وجبت له بإيجاب الله تعالى إياها له فأباح له النبي صلى الله عليه وسلم بذلك ارتجاع هبته وإنفاقها على نفسه وجعل ذلك كما رجع إليه بالميراث لا كما رجع إليه بالابتياع والارتجاع فإن قال قائل فقد خص النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث الوالد الواهب دون سائر الواهبين أفيكون حكم الولد فيما وهب لأبيه خلاف حكم الوالد فيما وهب لولده قيل له بل حكمهما في هذا سواء فذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدهما على المعنى الذي ذكرنا يجزئ من ذكره إياهما ومن ذكر غيرهما ممن حكمه في هذا مثل حكمهما وقد قال الله عز وجل حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت فحرم هؤلاء جميعا بالأنساب ثم قال وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة ولم يذكر في التحريم بالرضاعة غير هاتين
(٨٠)