أرأيت لو قال قد رضيت بما شهد به زيد علي لرجل فاسق أو لرجل جار إلى نفسه بتلك الشهادة مغنما فشهد زيد عليه بشئ هل يحكم بذلك عليه فلما كانوا قد اتفقوا أنه لا يحكم عليه بشئ من ذلك وأن رضاه في ذلك وغير رضاه سواء وأن الحكم لا يجب في ذلك وإن رضي إلا بما كان يجب لو لم يرض كان كذلك أيضا يمين المدعي لا يجب له بها حق على المدعى عليه وإن رضي المدعى عليه به بذلك والحكم بيمينه بعد رضاء بها كحكمها قبل ذلك فثبت بما ذكرنا بطلان رد اليمين على المدعى عليه وهذا كله قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمة الله تعالى عليهم باب الرجل يكون عنده الشهادة للرجل هل يجب عليه أن يخبره بها وهل يقبله الحاكم على ذلك أم لا حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو أحمد محمد بن عبد الله بن الزبير قال ثنا إسرائيل قال ثنا عبد الملك بن عمير قال ثنا جابر بن سمرة قال خطبنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه بالجابية فقال قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم مقامي فيكم اليوم فقال أحسنوا إلى أصحابي ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم يفشوا الكذب حتى يشهد الرجل على الشهادة لا يسألها وحتى يحلف الرجل على اليمين لا يستحلف حدثنا عبد الله بن محمد بن خشيش قال ثنا عارم بن الفضل قال ثنا جرير بن حازم قال ثنا عبد الله بن عمر فذكر بإسناده مثله غير أنه قال أحسنوا إلى أصحابي الذين يلونهم ثم يفشوا الكذب حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو داود الطيالسي قال ثنا حماد بن زيد قال ثنا معاوية بن قرة المزني قال سمعت كهمسا يقول سمعت عمر يقول فذكر نحو حديث أبي بكرة عن أبي أحمد فذهب قوم إلى أن من شهد بالشهادة قبل أن يسألها مذموم واحتجوا في ذلك بهذه الآثار وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا بل هو محمود مأجور على ما كان منه من ذلك وكان من الحجة لهم في دفع ما احتج به عليهم أهل المقالة الأولى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ثم يفشوا الكذب حتى يشهد الرجل على الشهادة لا يسألها وحتى يحلف على اليمين لا يستحلف فمعنى ذلك أن يشهد كاذبا أو يحلف كاذبا لأنه قال حتى يفشوا الكذب فيكون كذا وكذا فلا يجوز أن يكون ذلك الذي يكون إذا فشا الكذب إلا كذبا وإلا فلا معنى لذكره فيفشو الكذب واحتج أهل المقالة الأولى لقولهم أيضا بما حدثنا ابن أبي داود قال ثنا نعيم قال ثنا ابن المبارك قال أخبرنا محمد بن سوقة عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر عن عمر رضي الله عنه أنه خطبهم بالجابية فقال
(١٥٠)