وأما وجهه من طريق النظر فإنا رأينا الأصل المجتمع عليه أن شروطا صحاحا قد تعقد في الشئ المبيع مثل الخيار إلى أن أجل معلوم للبائع وللمبتاع فيكون البيع على ذلك جائزا وكذلك الأثمان قد تعقد فيها الآجال يشترطها المبتاع فتكون لازمة إذا كانت معلومة ويكون البيع بها مضمنا ورأينا ذلك الاجل لو كان فاسدا فسد بفساده البيع ولم يثبت البيع وينتفي هو إذا كان معقودا فيه فلما جعل البيع مضمنا بهذه الشرائط المشروطة في ثمنه في صحتها وفسادها فجعل جائزا بجوازها وفاسدا بفسادها ثم كان البيع إذا وقع على المبيع وكان عبدا على أن يخدم البائع شهرا فقد ملك المشتري عبده على أن ملكه المشتري ألف درهم وخدمة العبد شهرا والمشتري حينئذ غير مالك للخدمة ولا للعبد لان ملكه للعبد إنما يكون بعد تمام البيع فصار البيع واقعا بمال وبخدمة عبد لا يملكه المشتري في وقت ابتياعه بالمال وبخدمته وقد رأيناه لو ابتاع عبدا لخدمة أمة لا يملكها كان البيع فاسدا فالنظر على ذلك أن يكون البيع أيضا كذلك إذا عقد لخدمة من لم يكن تقدم ملكه له قبل ذلك العقد لان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نهى عن بيع ما ليس عندك ولما كانت الأثمان مضمنة بالآجال الصحيحة والفاسدة على ما قد ذكرنا كان كذلك الأشياء المثمونة أيضا المضمنة بالشرائط الفاسدة والصحيحة فثبت بذلك أن البيع لو وقع واشترط فيه شرط مجهول أن البيع يفسد بفساد ذلك الشرط على ما قد ذكرنا فقد انتفى قول من قال يجوز البيع ويبطل الشرط وقول من قال يجوز البيع ويثبت الشرط ولم يكن في هذا الباب قول غير هذين القولين وغير القول الآخر إن البيع يبطل إذا اشترط فيه ما ليس منه فلما انتفى القولان الأولان ثبت هذا القول الآخر وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد بن الحسن رحمة الله عليهم أجمعين باب بيع أرض مكة وإجاراتها حدثنا روح بن الفرج قال ثنا يوسف بن عدي قال ثنا عبد الرحيم بن سليمان عن إسماعيل بن إبراهيم بن المهاجر عن أبيه عن مجاهد عن عبد الله بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يحل بيع بيوت مكة ولا إجاراتها حدثنا إبراهيم بن مرزوق قال ثنا أبو عاصم عن عمر بن سعيد عن ابن أبي سليمان عن علقمة بن
(٤٨)