فكان ذكره ذلك دليلا على أن سائر من حرم بالنسب في حكم الرضاع سواء وأغناه ذكر هاتين بالتحريم بالرضاع عن ذكر من سواهما في ذلك إذ كان قد جمع بينهن جميعا في التحريم بالأنساب فجعل حكمهن حكما واحدا فدل تحريمه بعضهن أيضا بالرضاع أن حكمهن في ذلك حكم واحد فكذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قال لا يحل لأحد أن يرجع في هبته فعم بذلك الناس جميعا ثم قال إلا الوالد لولده على المعنى الذي ذكرنا دل ذلك على أن من سوى الوالد من الواهبين في رجوع الهبات إليهم يرد الله عز وجل إياها كذلك وأغناه ذكر بعضهم عن ذكر سائرهم فلم يكن في شئ من هذه الآثار ما يدلنا على أن للواهب أن يرجع في هبته بنقضه إياها حتى يأخذها من الموهوب له ويردها إلى ملكه المتقدم الذي أخرجها منه بالهبة فنظرنا هل نجد فيما روى عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك شيئا فإذا إبراهيم بن مرزوق قد حدثنا قال ثنا مكي بن إبراهيم قال ثنا حنظلة عن سالم قال سمعت بن عمر يقول سمعت عمر بن الخطاب يقول من وهب هبة فهو أحق بها حتى يثاب منها بما يرضى وإذا يونس قد حدثنا قال ثنا ابن وهب أن مالكا حدثه عن داود بن الحصين عن أبي غطفان بن طريف المري عن مروان بن الحكم أن عمر بن الخطاب قال من وهب هبة لصلة رحم أو على وجه صدقة فإنه لا يرجع فيها ومن وهب هبة يرى أنه إنما يراد به الثواب فهو على هبته يرجع فيها إن لم يرض منها فهذا عمر رضي الله عنه قد فرق بين الهبات والصدقات فجعل الصدقات لا يرجع فيها وجعل الهبات على ضربين فضرب منها صلة الأرحام فرد ذلك إلى حكم الصدقات ومنع الواهب من الرجوع فيها وضرب منها خلاف ذلك فجعل للواهب أن يرجع فيه ما لم يرض منه حدثنا صالح بن عبد الرحمن قال ثنا حجاج إبراهيم الأزرق قال ثنا يحيى بن أبي زكريا بن أبي زائدة عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عمر قال من وهب هبة لذي رحم جازت ومن وهب هبة
(٨١)