فأما ما كان غير مطبوخ فهو داخل في النهي الذي في الآثار الأول قيل له قد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما ذكرنا عنه في هذه الآثار إنما كرهه لريحه وقد أباح أصحابه أكله فما كانت ريحه فيه قائمة بعد الطبخ كان على حكمه قبل الطبخ إذ كان إنما كره أكله فيهما جميعا من أجل ريحه فدل إباحته أكله لهم بعد الطبخ وريحه موجودة على أن أكلهم إياه قبل الطبخ مباح لهم أيضا وقد حدثنا يونس قال ثنا ابن وهب قال أخبرني يونس عن ابن شهاب قال حدثني عطاء بن أبي رباح أن جابر بن عبد الله قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من أكل ثوما أو بصلا فليعتزلنا أو يعتزل مسجدنا فيقعد في بيته وأنه أتى بقدر أو ببدر فيه خضراوات من بقول فوجد لها ريحا فسأل عنها فأخبر بما فيها من البقول فقال قربوها إلى بعض أصحابه كان معه فلما رآه كره أكله قال كل فإني أناجي من لا تناجي حدثنا يونس قال ثنا ابن وهب قال ثنا ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من أكل من الكراث فلا يغشنا في مساجدنا حتى يذهب ريحها فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه الانسان حدثنا عبد العزيز بن معاوية العتابي قال ثنا عبد الله بن صالح ح وحدثنا حسين بن نصر قال ثنا سباب بابة بن سوار قال ثنا إسرائيل عن مسلم الأعور عن حبة عن علي قال أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نأكل الثوم وقال لولا أن الملك ينزل علي لأكلته فقد دل ما ذكرنا على إباحة أكلها مطبوخا كان أو غير مطبوخ لمن قعد في بيته وكراهة حضور المسجد وريحه موجود لئلا يؤذي بذلك من يحضره من الملائكة وبني آدم فبهذا نأخذ وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى باب الرجل يمر بالحائط أله أن يأكل منه أم لا حدثنا علي بن شيبة قال ثنا علي بن عاصم قال ثنا الجريري عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري قال أحسبه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا أتى أحدكم علي حائط فليناد صاحبه ثلاث مرات فإن أجابه وإلا فليأكل من غير أن يفسد وإذا أتى على غنم فليناد صاحبه ثلاث مرات فإن أجابه وإلا فليشرب من غير أن يفسد قال أبو جعفر فذهب قوم إلى هذا فجعلوا لمن مر بالحائط أن ينادي صاحبه ثلاثا فإن أجابه وإلا فأكل وكذلك في الغنم وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا لا ينبغي أن يأكل من غير ضرورة فإن كانت ضرورة فالاكل له من ذلك والشرب له مباح
(٢٤٠)