كل الدفع قول ابن تيمية هذا ويثبت صحة ما اختاره الذهبي من ذكره الحفاظ الذين يرجع إلى أقوالهم والسيوطي من ذكره فيمن كان بمصر من حفاظ الحديث ونقاده وقد شهد له الأئمة المتقدمون بجلالة قدره كابن يونس ومسلمة ابن القاسم وابن عساكر وابن عبد البر أضرابهم وهؤلاء أقرب زمانا بالطحاوي من ابن تيمية ومنهم من هو اعلم منه بحال علماء مصر فان صاحب البيت أدرى بما فيه فجرح ابن تيمية بغير دليل لم يؤثر في الامام الطحاوي مع شهادة هؤلاء الاعلام وقد قال التاج السبكي في طبقاته كما في مقدمة الأوجز الحذر كل الحذر ان تفهم من قاعدتهم ان الجرح مقدم على التعديل على اطلاقها بل الصواب ان من ثبت عدالته وإمامته وكثر مادحوه ومزكوه وندر جارحه وكانت هناك قرينة دالة على سبب جرحه من تعصب مذهبي أو غيره لم يلتفت إلى جرحه ثم قال بعد كلام طويل قد عرفناك ان الجارح لا يقبل جرحه وان فسره في حق من غلبت طاعاته على معصيته ومادحوه على ذاميه ومزكوه على جارحيه إذا كانت هناك قرينة دالة يشهد العقل بان مثلها حامل على الوقيعة انتهى على أن ابن تيمية كما في الدرر الكامنة عن الذهبي كان مع سعة علمه وفرط شجاعته وسيلان ذهنه وتعظيمه لحرمات الدين بشرا من البشر تعتريه حدة في البحث وغضب وشظف للخصم تزرع له عداوة في النفوس والا لو لاطف خصومه لكان كلمة اجماع فان كبارهم خاضعون لعلومه معترفون بشنوفه مقرون بندور خطائه وانه بحر لا ساحل له وكنز لا نظير له ولكن ينقمون عليه أخلاقا وأفعالا وكل أحد يؤخذ من قوله ويترك انتهى واما حديث رد الشمس فأخرجه الطحاوي في مشكل الآثار من حديث أسماء بنت عميس من طريقين وسقط ما بعده إلى آخر الكتاب من الطبع فلم نظفر على كلام الطحاوي في كتابه وذكر في المعتصر من المختصر من مشكل الآثار معرضة الحديث بحديث أبي هريرة مرفوعا لم ترد الشمس مذ ردت على يوشع بن نون ليالي سار إلى بيت المقدس ودفع بان معناه مذ ردت إلى يومئذ وليس في ذلك ما يدفع ان يكون ردت على علي رضي الله عنه بعد ذلك بدعائه صلى الله عليه وسلم وهذا من اجل علامات النبوة وذكر فوائد أخرى إلى أن قال هذا منقطع وحديث أسماء متصل وقال القاضي عياض في الشفا وخرج الطحاوي في مشكل الحديث عن أسماء بنت عميس من طريقين انه صلى الله عليه وسلم كان يوحى إليه ورأسه في حجر علي فلم يصل العصر حتى غربت الشمس فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أصليت يا علي فقال لا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم انه كان في طاعتك وطاعة رسولك فاردد عليه الشمس قالت أسماء فرأيتها غربت ثم رايتها طلعت ووقفت على الجبال والأرض وذلك بالصهباء قال وهذان الحديثان ثابتان ورواتهما ثقات وحكى الطحاوي عن أحمد بن صالح كان يقول لا ينبغي لمن سبيله العلم التخلف عن حفظ حديث أسماء لأنه من علامات النبوة انتهى كلام القاضي وقال الخفاجي المصري في شرح الشفا واعترض عليه بعض الشراح وقال إنه موضوع ورجاله مطعون فيهم كذابون ووضاعون ولم يدر ان الحق خلافه والذي غره كلام ابن الجوزي ولم يقف على أن كتابه أكثره مردود وقد قال خاتمة الحفاظ السيوطي وكذا السخاوي ان ابن الجوزي في موضوعاته تحامل تحاملا كثيرا حتى أدرج فيه كثيرا من الأحاديث الصحيحة كما أشار إليه ابن الصلاح وهذا الحديث صححه المصنف رحمه الله تعالى وأشار إلى أن تعدد طرقه شاهد صدق على صحته وقد صححه قبله كثير من الأئمة كالطحاوي وأخرجه ابن شاهين وابن مندة وابن مردويه والطبراني في معجمه وقال إنه حسن وصنف السيوطي في هذا الحديث رسالة مستقلة سماها كشف اللبس عن حديث رد الشمس وقال إنه سبق بمثله لأبي الحسن الفضلي أورد طرقه بأسانيد كثيرة وصححه بما لا مزيد عليه ونازع ابن الجوزي في بعض من طعن فيه من رجاله وأحمد بن صالح المذكور في كلام الطحاوي هو أبو جعفر الطبري الحافظ الثقة روى عنه أصحاب السنن ويكفي في توثيقه ان البخاري روى عنه
(المقدمة ٤٦)