دائمة، والتحرز من الضرر الدائم أقوى وأوجب من التحرز من الضرر المنقطع.
والجواب عن هذه الشبهة وإن كانت لم تمض في جملة المسائل: أنا نأمن فيما خبرنا به الواحد الذي لا نعلم صدقه، ولا دل دليل قاطع يوجب العلم عن (1) العمل عند خبره، أن يكون فيما أخبرنا به علينا ضرر ديني، لأنه لو كان كذلك لوجب في كلمة (2) الله تعالى أن يعلمنا ويدلنا على هذا الفعل الذي يستحق به العقاب، لأنه مما لا يمكن العمل به عقلا ولا يعلم كذلك إلا سمعا.
ولا طريق إلى ذلك إلا بخبر يوجب العلم والقطع على صدق رواية (3) أو خبر، وإن كان يوجب الظن رواية (4)، فقد نصب دليل يوجب العلم على لزوم العمل به فلما فقدنا هذين الطريقين علمنا فيما خبرنا به الواحد الذي تقدمت صفة.
وهذا الذي ذكرناه مما لا بد منه عندنا وعند خصومنا المحصلين في هذه المسألة، لأنهم يوافقونا على أن العمل لا بد من أن يكون تابعا للعلم، فتارة يكون تابعا للعلم بصدق الراوي، وأخرى يكون تابعا بوجوب العمل على قوله، ويعترفون بأن العمل إذا خلا عن علم على أحد الوجهين اللذين ذكرهما لم يصح، لأنه لا يأمن المقدم عليه أن يكون قبيحا، وإنما يأمن بالعلم دون الظن.
على أن من تعلق بهذه الطريقة في وجوب العمل على أخبار الشريعة لا يمكنه أن يستدل بما ذكرناه على وجوب قبول جميع أخبار الشريعة، لأن فيها ما لا مضرة في ترك العمل، كالإباحة المتضمنة للإباحة الخارجة عن الخطر والايجاب.