إلى الفعل يدعو إلى إرادته. فقد ثبت أنه تعالى فعل العالم بغرض بخص العالم بداعية إلى الخلق العالم يدعوه إلى فعل إرادة خلقه، والمنع من الإرادة يستحيل عليه تعالى، فلا بد من كونه مريدا لخلق العالم.
وإنما شرطنا الشرطين اللذين ذكرناهما، لأن الإرادة يفعلها أحدنا وإن لم يردها بإرادة أخرى، من حيث أن الداعي إليها هو الداعي إلى المراد، ولا ينفرد بداع يخصها.
ألا ترى أن من دعى الداعي إلى الأكل، فإنه يفعل إرادة للأكل وإن كان لا يريد هذه الإرادة، لأن داعي الأكل هو داع فيها داعي يخصها ومن أشرف على الجنة وأعجزه الله تعالى من أفعال القلوب، أو فعل فيه إرادة ضرورية لدخول النار لا يقع منه إلا دخول الجنة وإن لم يكن مريدا لدخولها، لأنه ممنوع من هذه الإرادة.
وثانيها: أنه قد ثبت كونه تعالى مخبرا وأمرا ومخاطبا، والكلام لا يقع على هذه الوجوه لوجوده، ولا حدوثه ولا جنسه ولا سائر أحواله، فلا بد من أن يكون على هذه الصفة التي يجوز أن يكون عليها تارة، ولا يكون أخرى لأمر من الأمور.
وقد بينا أن صفاته كلها لا تؤثر في ذلك ولا صفات فاعله من كونه حيا ومدركا وعالما وقادرا ومشتهيا وناظرا، لأن المعلوم الواضح أن هذه الصفات لا تؤثر في وقوع الخطاب على تلك الوجوه، فيعلم لا محالة أن المؤثر هو كونه مريدا.
وهذه الدلالة مستقصاة في الكتاب (الملخص) ومنتهى فيه إلى غايتها.
وثالثها: أنه تعالى قد خلف فينا الشهوات المتعلقة بالقبائح، وتقرأ على المحسنات، ومكننا من فعل كل ما تشتهيه، ولم يعينا (1) بالحسن عن القبيح