يسهل حل كل شبهة ودفع كل اعتراض.
واعلم أن من خالفنا في كونه تعالى مريدا على ضربين، فمنهم من ينفي حال المريد عنه [أو عنه] (1) تعالى، ويدعي أن الحال التي يشير إليها يكون المريد مريدا لبيت (2) حالا زائدة على الأحوال المعقولة لنا، من كوننا عالمين أو ظانين أو معتقدين.
ومنهم من يثبت هذه الحال زائدة على أحوالنا المعقولة، ويبقى كونه تعالى مريدا لشئ محضة، ويدعي استحالته فيه تعالى دوننا. وهو أبو القاسم البلخي ومن وافقه.
والذي يدل على أن حال المريد متميزة من أحوال الحي أن أحدنا يجد نفسه عند قصده إلى الأمر وعزمه عليه على صفة متجددة لم يكن من قبل عليها ويعلم ذلك من نفسه ضرورة.
ولهذا قلنا في الكتب: إن حال المريد معلومة ضرورة، وإنما الشك واقع في تمييزها من باقي أحوال الحي. وما العلم بكونه مريدا في التجلي والوضوح إلا كالعلم بأنه مدرك ومعتقد، فلا سبيل إلى رفع ما لم يعلم من هذه الحال. وإنما الكلام على المخالف في تمييزها من سائر أحوال الحي.
ولا شبهة في تمييز هذه الحال التي أشرنا إليها من كونه حيا وقادرا ومدركا، ما أشبه ذلك من الأحوال. وإنما الشبهة في تمييزها من الدواعي التي هي العلم والاعتقاد والظن.
والذي يدل على تمييز هذه الحال من الدواعي أن أحدنا قد يكون عالما بحسن الفعل وكونه إحسانا وإنعاما، ومع ذلك فلا يجد نفسه على هذه [الحال]