وكيف ينكر من أعطي نصف الحسن ولم يجعل له في العالم نظير وهم كانوا بأن يعرفوه وينكرهم هو أولى قال أبو محمد ونحن نقول إن الناس يذهبون في نصف الحسن الذي أعطيه يوسف عليه السلام إلى أن الله سبحانه أعطاه نصف الحسن وأعطى العباد أجمعين النصف الآخر وفرقه بينهم وهذا غلط بين لا يخفى على من تدبره إذا فهم ما قلناه والذي عندي في ذلك أن الله تبارك وتعالى جعل للحسن غاية وحدا وجعله لمن شاء من خلقه إما للملائكة أو للحور العين فجعل ليوسف عليه السلام نصف ذلك الحسن ونصف ذلك الكمال وقد يجوز أن يكون جعل لغيره ثلثه ولآخر ربعه ولآخر عشره ويجوز أن لا يجعل لآخر منه شيئا وكذلك لو قال قائل إنه أعطي نصف الشجاعة لم يجز أيكون أعطي نصفها وجعل للخلق كلهم النصف الآخر ولو كان هذا هو المعنى لوجب أن يكون الذي أعطي نصف الشجاعة يقاوم العباد جميعا وحده ولكن معناه أن للشجاعة حد يعلمه الله تعالى ويجعله لمن شاء من خلقه ويعطي غيره النصف من ذلك ويعطي لآخر الثلث أو الربع أو العشر وما أشبه ذلك وأما قولهم كيف يشترونه بثمن بخس ويكونون أيضا فيه من الزاهدين وهو بهذه المنزلة من الحسن فإن الحسن إذا كان على ما ذهبنا إليه لا يتفاوت التفاوت الذي ظنوه ولكنه يكون مقاربا لما عليه الحسان الوجوه وقد ذكر وهب بن منبه أن يوسف عليه السلام كان نزع في الحسن إلى سارة
(٢٩٤)