وأما إبطاله إياه فإنه يجوز أن يكون أنزله قرآنا ثم أبطل تلاوته وأبقى العمل به كما قال عمر رضي الله عنه في آي الرجم وكما قال غيره في أشياء كانت من القرآن قبل أن يجمع بين اللوحين فذهبت وإذا جاز أن يبطل العمل به وتبقى تلاوته جاز أن تبطل تلاوته ويبقى العمل به ويجوز أن يكون أنزله وحيا إليه كما كان تنزل عليه أشياء من أمور الدين ولا يكون ذلك قرآنا كتحريم نكاح العمة على بنت أخيها والخالة على بنت أختها والقطع في ربع دينار ولا قود على والد ولا على سيد ولا ميراث لقاتل وكقوله صلى الله عليه وسلم يقول الله تعالى إني خلقت عبادي جميعا حنفاء وكقوله يقول الله عز وجل من تقرب إلي شبرا تقربت منه ذراعا وأشباه هذا وقد قال عليه السلام أوتيت الكتاب ومثله معه يريد ما كان جبريل عليه السلام يأتيه به من السنن وقد رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجم الناس بعده وأخذ بذلك الفقهاء فأما رضاع الكبير عشرا فنراه غلطا من محمد بن إسحاق ولا نأمن أيضا أن يكون الرجم الذي ذكر أنه في هذه الصحيفة كان باطلا لان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد رجم ماعز بن مالك وغيره قبل هذا الوقت فكيف ينزل عليه مرة أخرى ولان مالك بن أنس روى هذا الحديث بعينه عن عبد الله بن أبي بكر عن عمرة عن عائشة رضي الله عنها قالت كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن ثم نسخن بخمس معلومات يحرمن فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهن مما يقرأ من القرآن وقد أخذ بهذا الحديث قوم من الفقهاء منهم الشافعي وإسحاق وجعلوا
(٢٩٢)