وكان القرآن متفرقا عند المسلمين ولم يكن عندهم كتاب ولا آلات يدلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكتب إلى ملوك الأرض في أكارع الأديم وإن كان العجب من وضعه تحت السرير فإن القوم لم يكونوا ملوكا فتكون لهم الخزائن والأقفال وصناديق الآبنوس والساج وكانوا إذا أرادوا إحراز شئ أو صونه وضعوه تحت السرير ليأمنوا عليه من الوطئ وعبث الصبي والبهيمة وكيف يحرز من لم يكن في منزله حرز ولا قفل ولا خزانة إلا بما يمكنه ويبلغه وجده ومع النبوة التقلل والبذاذة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرقع ثوبه ويخصف نعله ويصلح خفه ويمهن أهله ويأكل بالأرض ويقول إنما أنا عبد آكل كما يأكل العبد وعلى ذلك كانت الأنبياء عليهم السلام وكان سليمان عليه السلام وقد آتاه الله من الملك ما لم يؤت أحدا قبله ولا بعده يلبس الصوف ويأكل خبز الشعير ويطعم الناس صنوف الطعام وكلم الله موسى عليه السلام وعليه مدرعة من شعر أو صوف وفي رجليه نعلان من جلد حمار ميت فقيل له إخلع نعليك إنك بالوادي المقدس طوى وكان يحيى عليه السلام يحتبل بحبل من ليف وهذا أكثر من أن نحصيه وأشهر من أن نطيل الكتاب به وإن كان العجب من الشاة فإن الشاة أفضل الانعام وقرأت في مناجاة عزير ربه أنه قال اللهم إنك اخترت من الانعام الضائنة
(٢٩٠)