فإذا كان لم ينزل على الملكين ببابل هاروت وماروت صار الكلام فضلا لا معنى له وإنما يجوز بأن يدعى مدع أن السحر أنزل على الملكين ويكون فيما تقدم ذكر ذلك أو دليل عليه فيقول الله تعالى اتبعوا ذلك ولم ينزل على الملكين كما ذكروا ومثال هذا أن يقول مبتدئا علمت هذا الرجل القرآن وما أنزل على موسى عليه السلام فلا يتوهم سامع هذا أنك أردت أن القرآن لم ينزل على موسى عليه السلام لأنه لم يتقدمه قول أحد أنه أنزل على موسى عليه السلام وإنما يتوهم السامع أنك علمته القرآن والتوراة وتأويل هذا عندنا مبين بمعرفة الخبر المروي فيه وجملته على ما ذكر بن عباس أن سليمان صلى الله عليه وسلم لما عوقب وخلفه الشيطان في ملكه دفنت الشياطين في خزانته وموضع مصلاه سحرا وأخذا ونيرنجات فما مات سليمان صلى الله عليه وسلم جاءت الشياطين إلى الناس فقالوا ألا ندلكم على الامر الذي سخرت به لسليمان الريح والجن ودانت له به الانس قالوا بلى فأتوا مصلاه وموضع كرسيه فاستخرجوا ذلك منه فقال العلماء من بني إسرائيل ما هذا من دين الله وما كان سليمان ساحرا وقال سفلة الناس سليمان كان أعلم منا فسنعمل بهذا كما عمل
(١٧١)