ثم قال وأحل لكم ما وراء ذلكم فدخلت المرأة على عمتها وخالتها وكل رضاع سوى الام والأخت فيما أحله الله تعالى قال أبو محمد ونحن نقول إن الله عز وجل يختبر عباده بالفرائض ليعلم كيف طاعتهم أو معصيتهم وليجازي المحسن والمسئ منهم من غير أن يكون فيما أحله أو حرمه علة توجب التحليل أو التحريم وإنما يقبح كل قبيح بنهي الله تعالى عنه ويحسن الحسن بأمر الله عز وجل به خلا أشياء جعل الله في الفطر استقباحها كالكذب والسعاية والغيبة والبخل والظلم وأشباه ذلك فإذا جاز أن يبعث الله عز وجل رسولا بشريعة فتستعمل حقبا من الدهر ويكون المستعملون لها مطيعين لله تعالى ثم يبعث رسولا ثانيا بشريعة ثانية تنسخ تلك الأولى ويكون المستعملون لها مطيعين لله تعالى كبعثه موسى عليه السلام بالسبت ونسخ السبت بالمسيح عليه السلام وبعثه إياه بالختان في اليوم السابع ونسخ ذلك أيضا بالمسيح عليه السلام جاز أيضا أن يفرض شيئا على عباده في وقت ثم ينسخه في وقت آخر والرسول واحد وقد قال عز وجل ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها يريد بخير منها أسهل منها وإذا جاز أن ينسخ الكتاب بالكتاب جاز أن ينسخ الكتاب بالسنة لان السنة يأتيه بها جبريل عليه السلام عن الله تبارك وتعالى فيكون المنسوخ من كلام الله تعالى الذي هو قرآن بناسخ من وحي الله عز وجل الذي ليس بقرآن ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أوتيت الكتاب ومثله معه يريد أنه أوتي الكتاب ومثل الكتاب من السنة ولذلك قال الله عز وجل وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا
(١٨٢)