بين الخلفاء والشريعة لا ريب إن أهم شروط الإمامة والتي تعتبر المفهوم الواقعي والحكمة العالية في الخلافة في الإسلام هو: أن يكون الإمام والخليفة حافظا للدين، وصائنا للشريعة، ومنفذا لقوانين القرآن وتشريعاته.
هذا ما أوضحه أمير المؤمنين (عليه السلام) في ضمن بيانه لشروط الإمامة فقال: ولا المعطل للسنة فيهلك الأمة.
ولكن التاريخ يروي لنا عكس هذا تماما، ويستفاد مما احتوته أحاديث الصحيحين، أن بعض حكام الشريعة، وقوانين الدين، قد تعرضت للتزوير وتطاولت إليها أيدي التشويه والتحريف في عهد الخلفاء، وإنهم كانوا يغيرون التعاليم والأحكام الدينية حسب ما تقتضيه مصالحهم ونزعاتهم الشخصية، وكل واحد منهم كان يفسر الشريعة والسنة وفقا لرأيه وكيفما شاءت أهواؤهم.
لما أرادوا أن يبرروا هذا العمل - ويصبغوا هذه التحريفات والتغييرات بالصبغة الدينية والطابع الشرعي، ويظهروا باطلهم ومخالفاتهم للنصوص في كسوة الحق - سموه الاجتهاد، وخلف ستار الاجتهاد وباسمه دسوا تحريفاتهم ومخالفاتهم في أوساط المجتمعات الإسلامية، بينما الاجتهاد في الواقع أمر، ومخالفة التعاليم القرآنية الصريحة والسنة النبوية أمر آخر.
وبهذه المناسبة يقول أمير المؤمنين الإمام علي (عليه السلام):
قد عملت الولاة قبلي أعمالا خالفوا فيها رسول الله (صلى الله عليه وآله)، متعمدين بخلافه، ناقضين لعهده، مغيرين لسنته، ولو حملت الناس على تركها، وحولتها إلى مواضعها، وإلى ما كانت في عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، لتفرق عني جندي، حتى أبقى وحدي، أو مع قليل