وأخرج البخاري ومسلم في صحيحيهما بإسنادهما عن، أبي سلمة أن عطاء ابن يسار أخبره إن زيد بن خالد الجهني أخبره أنه سأل عثمان بن عفان فقال: أرأيت إذا جامع الرجل امرأته فلم يمن. قال عثمان: يتوضأ كما يتوضأ للصلاة ويغسل ذكره. قال عثمان:
سمعته من رسول الله (صلى الله عليه وآله) فسألت عن ذلك علي بن أبي طالب (عليه السلام) والزبير بن العوام وطلحة بن عبيد الله وأبي بن كعب، فأمروه بذلك (1).
هذا هو فتوى الخليفة عثمان في الجنابة.
وقول الخليفة أنه سمع هذا الحكم من النبي (صلى الله عليه وآله)، والإمام علي (عليه السلام) وطلحة والزبير وأبي بن كعب أيدوا ما سمعه من الرسول (صلى الله عليه وآله)، إما أن تكون هذه فرية لا أصل لها وموضوعة على لسان الخليفة حفظا لسمعة الخليفة. كما نرى أمثاله ونظائره بكثير. وإما أن تكون - الرواية على فرض صحتها - مما ترتبط بالسنوات الأولى من البعثة النبوية حيث قال الرسول (صلى الله عليه وآله): الماء من الماء (2).
وهذا إن سلم قبول الرواية، فإن ابن عباس ينكر ذلك ويقول بأن المسألة الماء من الماء تتعلق بالاحتلام، وعلى كل حال فإن هذه المسألة من المسائل التي كثر الابتلاء بها ولا تمت بالجماع والمقاربة (3). وورد فيها أحاديث كثيرة نحو عن عمرو ابنه وعائشة قالوا: إذا جاوز الختان وجب الغسل، فكيف تخفى على الخليفة ويفتي بخلافها ويقول:
لا يجب الغسل ما لم يمن.
ولعل الخليفة حفظ هذا الحكم منذ أول ما سمعه عندما أسلم، حتى أيام خلافته، وفي هذه المدة الطويلة لم يكن يعلم أنها نسخت فأفتى وفقا للحكم المنسوخ الذي كان