والأحاديث النبوية، وهو مذهب السلف الصالحين من الصحابة والتابعين وغيرهم من أهل العلم رضوان الله عليهم أجمعين قالوا: إن الله تعالى استوى على عرشه بلا كيف ولا تشبيه ولا تأويل، والاستواء معلوم والكيف مجهول والجهمية قد أنكروا العرش وأن يكون الله فوقه، وقالوا: إنه في كل مكان ولهم مقالات قبيحة باطلة، وإن شئت الوقوف على دلائل مذهب السلف والاطلاع على رد مقالات الجهمية الباطلة فعليك أن تطالع الأسماء والصفات للبيهقي أفعال العباد للبخاري وكتاب العلو للعلي الغفار للذهبي والقصيدة النونية والجيوش الإسلامية لابن القيم (1).
أقول: وفضلا عمن ذكرناهم فإن عالم أهل الشام الأوزاعي وابن جريج مفتي الحجاز وشيخ الحرم، وعالم خراسان مقاتل بن حيان والإمام البخاري صاحب الصحيح كانوا ممن يعتقدون بأن لله عز وجل مكان خاص (2)، وقال محمد عبدة: إن ابن قدامة ألف في هذا المجال كتابا (3).
من أين نشأت هذه العقيدة؟
ذكرنا في مبحث رؤية الله إن منشأ هذا الرأي هو مما جاء في الأحاديث التي رواها حفاظ أهل السنة في كتبهم نقلا عن أبي هريرة وأقرانه، وهذه المسألة - مكان الله - هي كتلك نابعة عن أحاديث أخرجها البخاري ومسلم وأرباب الصحاح والسنن في مؤلفاتهم.
وقد أقر بعض علمائهم القائلين بالمكانية بهذه الحقيقة. وذكرنا آنفا قول ابن حجر فإنه بعد ما ذكر كلام الأوزاعي وعقيدته في هذه المسألة قال: فإن أتباع السنة مجمعون على ثبوت مكان خاص بالله تعالى، ثم أضاف قائلا: إن هذه العقيدة هي مما ورد في الأحاديث ونؤمن بجميع ذلك.
والعلامة الشيخ عبد الرحمن من متكلمي أهل السنة عندما يتطرق لأقوال العلماء