تمهيد لما رأيت مدى مقام صحيح البخاري وأهميته عند أهل السنة جذبني الشوق والولع في أن أراجع هذا الكتاب مراجعة دقيقة ومعمقة، ولشدة ما كنت أشعر به من العلاقة والشوق في هذا الموضوع أتممت مراجعة الصحيح في فترة قصيرة، (وكان ذلك عام 1388 ه)، فاخترت من بين أحاديثه خمسين حديثا في أربعة وثلاثين مسألة مختلفة ومشوقة، واستنسختها على شكل مذكرات.
ومن ثم أصبح هذا العمل البسيط نافذة على برمجة مطالعاتي المستقبلية ووضع اللبنة الأولى في تأليف هذا الكتاب، وهكذا أثمرت بالنتيجة هذا الكتاب.
ومن خلال هذه المراجعة الأولية وقعت حادثة غريبة وممتعة غيرت مسار أطروحتي الفكرية من أسفل إلى فوق وصيرت هذه المذكرات التي لم تتجاوز عدة وريقات دراسة متكاملة حتى صارت أضعافا مضاعفة.
ففي شهر رجب من تلك السنة أي 1388 ه حلت العطلة الصيفية فرحلت إلى موطني آذربيجان الإيرانية، فهناك حالفني حظ كبير وموهبة كبيرة ونلت فخرا عظيما ونعمة موفورة، إذ تشرفت بلقاء العلامة المجاهد والمجتهد الأعظم الحجة المرحوم الشيخ الأميني صاحب كتاب الغدير - تغمده الله برحمته - حيث كان يعاني من الألم في رجله - فقدم إلى تلك البلاد ليغتنم جوها ومياهها، فخدمته ما يقارب عشرين يوما وذلك لأنه سكن داري.
وإن كان عشرون يوما بالنسبة إلى عمر الإنسان شيئا قليلا إلا أن هذه الأيام