أسند الموافقة إلى نفسه (١).
أقول: لا فرق في مقام الاستخفاف وتحجيم نبوة رسول الله (صلى الله عليه وآله) ومرتبة الوحي والنبوة بين تلفيق الأكاذيب والافتراءات التي نقلناها مسبقا وبين هذه الأكاذيب المسماة بموافقات عمر.
ولا يخفى أن رواية حضور النبي في حفلات النساء ونزول آية الحجاب تلبية لرغبة عمر، أو ترغيب النبي الفتيات للغناء ونزول آية الاستيذان تأييدا لرأي عمر وإن النبي أجاز لزوجته أن تنظر إلى رقص الأجانب وإن آية ﴿واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى﴾ (٢) نزلت تلبية لما رجاه عمر... كل هذه منافية ومناقضة لمرتبة النبوة ولا تتناسب مع الرسالة.
ولما كان التحقيق في جميع الموافقات العمرية ودراستها دراسة معمقة يحتاج إلى كتاب مستقل وكبير وخارج عما نحن عليه من الإيجاز، اكتفينا بدراسة وتحقيق حديثين فقط مما أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما في باب الموافقات العمرية.
الآيات الثلاثة:
حدثنا هشيم، عن حميد، عن أنس قال: قال عمر: وافقت ربي في ثلاث فقلت: يا رسول الله لو اتخذنا من مقام إبراهيم مصلى فنزلت (واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى)، وآية الحجاب، قلت يا رسول الله لو أمرت نساءك أن يحتجبن فإنه يكلمهن البر والفاجر فنزلت آية الحجاب (٣) واجتمع نساء النبي عليه في الغيرة عليه فقلت لهن: ﴿عسى ربه إن يطلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن﴾ (4) فنزلت هذه الآية (5).