الصحيحان وفضائل الإمام علي (عليه السلام):
إنك ترى في البخاري ومسلم وصحيحيهما هذه العصبية المفرطة عندما تقرأ كتابيهما وتلاحظ أنهما لما يواجهان فضيلة مشهورة ومنقبة مهمة من مناقب أمير المؤمنين علي (عليه السلام) وفيها دلالة صريحة على أفضليته لأمر الخلافة، وتقدمه على الآخرين فإنهما يبادران إلى تعتيمها. وهذه المناقب والفضائل قد ورد ذكرها في سائر الصحاح الستة والمدارك المعتبرة لدى أهل السنة، وهي من يقينيات الحوادث التاريخية ومسلماتها، وهي مما أجمع عليه علماء السنة والشيعة، مثل: حديث الغدير، آية التطهير، حديث الطائر المشوي، حديث سد الأبواب، وحديث أنا مدينة العلم وعلي بابها (1) وقد روى كل واحدة من هذه الفضائل والمناقب عشرات الصحابة وأثبتها علماء أهل السنة في كتبهم المعتبرة (2) إلا أن البخاري الذي لم يرض أن ينقل هذه المناقب المسلمة واليقينية ويخصص لها بابا خاصا في صحيحه فحسب، بل أفرد بابا خاصا في فضائل معاوية، وحيث إنه لم يعثر على منقبة لمعاوية رويت على لسان رسول الله (صلى الله عليه وآله) حقا، يروي حديثين عن حبر الأمة ابن عباس جاء في أولاهما أنه مدح معاوية لصحبته لرسول الله (صلى الله عليه وآله)، وجاء في ثانيهما مدحا لمعاوية بكونه فقيها وعالما (3).
والعجب كل العجب ممن يريد أن يصنف كتابا جامعا يلم فيه بما ورد من أحاديث رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ويكتب تفسيرا للقرآن، ويؤلف كتابا في التاريخ، ولا يدع مدحا وثناءا من صحابي بحق صحابي آخر (معاوية) إلا وأورده فيها، وذلك أداء للأمانة كيف تسمح