له نفسه بالإغماض عن واقعة ذات أهمية تاريخية كحديث الغدير أو حديث (أنا مدينة العلم وعلي بابها)؟!
ولا يخفى أنه ليس لهذا التغاضي والتجاهل من قبل البخاري سبب إلا التعتيم على مناقب أمير المؤمنين الإمام علي (عليه السلام)، وإخفاء الحقائق الواقعية.
ولا يخفى أيضا أن هدف البخاري ومسلم - كاتبي الصحيحين الذين أرادا بطريقتهما هذه في التدوين - إخفاء المسائل التاريخية المهمة حتى لا يعرف من يأتي بعدهما شيئا عن تلك الحقائق، ولم يدر من هو الأولى من الصحابة بالتصدي للخلافة، وهل أن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) نص بالخلافة من بعده لأحد أم لا؟
والجدير بالذكر أنهما قد نجحا في غايتهما هذه إلى حد ما، وكسبا النتيجة المتوخاة، وخاصة عندما نقرأ ما أورده ابن تيمية في رده لحديث الغدير....
وأما قوله: من كنت مولاه فعلي مولاه فليس هو في الصحاح، لكن هو مما رواه العلماء وتنازع الناس في صحته (1).
افتراء مسلم على الشيعة:
ومن ثمار شجرة العصبية الخبيثة المرة، ومن آثارها المخزية، ما أورده مسلم في مقدمة صحيحه من البهتان والافتراء على الشيعة، فهو عندما يتطرق إلى الأحاديث الموضوعة والمخالفة للواقع. يقول بكل صلافة: إن من الأحاديث الموضوعة ما ترويه الشيعة الرافضة عن الإمام علي (عليه السلام): أن عليا في السحاب.
وأقول: إن أحاديث الشيعة قد دونت منذ عهد الرسول (صلى الله عليه وآله)، وعقائدهم قد ملأت كتبهم الكلامية بنحو واف وكاف، وإن المكتبات لمعمورة بكتبهم، فهل ترى في كتاب واحد مثلا حديثا واحدا يدل على ما بهته مسلم على الشيعة؟ ألم تكن عقيدة الشيعة ومحدثيهم ومؤرخيهم بأن الإمام علي (عليه السلام) قد قتل في محراب مسجد الكوفة بسيف أشقى