وقوع هذه القصة، ولو كان لهذه القصة حقيقة كسائر القضايا لذكرها أئمة أهل البيت (عليهم السلام)، الذين هم أدرى بما في البيت، بينما تراهم (عليهم السلام) لم يدعوا صغيرة ولا كبيرة مما تمت بحياة الرسول وتاريخه إلا وذكروها، فكيف بهذه القصة التي تعد من قضايا التاريخ الإسلامي؟
ولو فرضنا أنهم تطرقوا إليها فلم لم نر لها أثرا في أحاديثهم الصحيحة التي وصلتنا؟
وزد على كل ما ذكرناه، ما أقر به العلامة المجلسي من أن القصة لم تصلنا بسند موثوق ومعتبر.
وإن أحد المحققين المعاصرين ذكر هذه الأحاديث في تفسيره على سبيل التمثيل، وصحح الروايات المنقولة في الموضوع، وفسرها على كونها قضية خارجة عن حيز الماديات.
ولكن هذا التأويل مخالف لظاهر هذه الأحاديث وهو غير قابل للتوفيق بينها، لأن:
أولا: ورد في الأحاديث إن الغلمان الذين كانوا يلعبون مع الرسول (صلى الله عليه وآله) أخبروا حليمة السعدية بخبر قتل النبي (صلى الله عليه وآله)، ولما عادوا إلى المحل رأوا الرسول (صلى الله عليه وآله) منتقع اللون مضطرب الحال.
ثانيا: إن أنس بن مالك راوي الحديث يقول: إني رأيت أثر ذلك الشق في صدره، ورأى أيضا أثر المخيط الذي أجرته الملائكة في صدره، وذلك بعد مضي عدة سنوات.
ويلاحظ إن هاتين المسألتين تنافيان موضوع التمثل، ولا يقبل الجمع بينهما.
وعلى هذا يمكن القول صراحة بأن هذه القصة هي شبيهة لقصة موسى (عليه السلام) وسباقه مع الحجر، وكذلك شبيهة لقصة عزرائيل عندما فقد عينه، وهذه القصص كلها لا أصل ولا حقيقة لها.