تاريخ ظهور الصحاح الستة:
في غرة النصف الثاني من القرن الثاني الهجري أدرك المحدثون أخطاء السلف وشطحاتهم بالنسبة لمنعهم الحديث وكتابته، فبدؤا بتدوين الحديث وتأليفه.
بدأ علم الحديث يتحرك نحو التقدم بعد أن قضى تلك الفترة الطويلة التي عاشها في الجمود والسكون، ولعل كان ذلك رد فعل ناشئ عن الانفعال الذي برز أثر منع الحديث، ففي خلال قرن واحد - أي من سنة 150 - 250 ه - ظهرت على الساحة كتب كثيرة كلها تحمل اسم الصحاح والمسانيد والمستخرجات وغيرها (1).
وكان هدف مؤلفي هذه الكتب في هذه الفترة الزمنية منصبا على جمع الحديث فقط، ولم تبوب وتقسم الأحاديث بعد إلى الصحيح والحسن والضعيف، وكان الحديث من دون فرق بين الصحيح وغيره يشكل المحتوى الأصلي للكتب والمسانيد حتى جاء عصر البخاري - 256 ه - وسائر الصحاح.
قال ابن حجر: فلما رأى البخاري هذه التصانيف ورواها وانتشق رياها واستجلى محياها وجدها بحسب الوضع جامعة بين ما يدخل تحت التصحيح والتحسين والكثير منها يشمله التضعيف، فلا يقال لغثه سمين فحرك همته لجمع الحديث الصحيح الذي لا يرتاب فيه أمين (2).
ثم جاء بعده تلميذه مسلم بن حجاج القشيري النيسابوري عام 261 ه فألف الجامع الصحيح، ومن بعده محمد بن يزيد بن ماجة القزويني - 273 ه - فصنف سننه، ثم كتب أبو داود سليمان بن داود السجستاني سننه - 275 ه - وبعده محمد بن عيسى بن