موافقات عمر بينا فيما سبق إن إحدى دواعي تلفيق الافتراءات على الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله) هي خلق فضائل للخلفاء، والتعتيم على مثالبهم ومساوئهم، وتطرقنا أيضا إلى بعض الأكاذيب التي كانت تتناقلها الألسن، ويرويها البسطاء والتي تشكل نوعية الثقافة والتفكير في المجتمعات الملوثة بالمغامرات المسائية، والليالي الحمراء التي كان يحييها الفساق وأهل الفساد، وفي هذا الفصل يتعرف القارئ المحقق، والباحث على فضائل موضوعة أخرى أرقي درجة وأرفع رتبة علميا، والمشتهرة في علوم الحديث والتاريخ (موافقات عمر).
وملخص القول في الموافقات العمرية: هو إن الخليفة عمر كان يقترح مسائل عديدة على الله تعالى ورسوله، ومن ثم ينزل جبرئيل بآية تؤيد ما اقترحه الخليفة عمر، وإننا قد سمينا هذه الفضائل (بالفضائل العلمية) لأن الوضاعين أرادوا بوضعهم هذا النوع من الفضائل أن يرفعوا رتبة الخليفة، ويقربوها إلى النبوة ويشركونه مع النبي في مسألة الوحي، ولما كان نزول الوحي القرآني من مختصات النبي ولا يشركه في ذلك أحد فتوسلوا إلى اختلاق طريقة أخرى غير النبوة ليشركوا عمر في مسألة الوحي مع النبي فقالوا:
إن الخليفة عمر إذا أحب أن يشرع حكما في مسألة ما، فما يبرح حتى ينزل الوحي على النبي (صلى الله عليه وآله) موافقا ومطابقا للرأي الذي أحب عمر تشريعه.
وقالوا: إن الخليفة كان عالما بالأحكام مسبقا فيبدي رأيه، وبعدها ينزل الله آية تؤيد فكرة عمر، وتصحح رأيه، وأحيانا ينزل الله طبقا لما قاله عمر بتمام ألفاظه وكلماته.
فعلى هذا فإن حرام الخليفة من تلقي الوحي القرآني مباشرة، لكنه لم يحرم من