تقييم إيمان بعض رواة الصحيحين:
لو أمعنا النظر في مضامين هذه الأحاديث التي نقلناها عن الصحيحين، وانتبهنا إلى المسائل التي ذكرناها حول الإيمان والاعتقاد وأهمية الصدق والوثاقة في الراوي لتمكن المطالع الحر أن يقيم رواة أحاديث الصحيحين وخاصة أولئك الذين سوف نتطرق إلى ذكرهم، ومن ثم يحكم بصحة بعض ما رواه البخاري ومسلم من الأحاديث أو عدم صحته.
وقد عرفنا ولاحظنا آنفا أن محبة الأنصار والإمام علي (عليه السلام) تعد معيارا وميزانا للأيمان، وعداوتهم وبغضهم علامة النفاق، وكذا عرفنا من مضامين تلك الأحاديث أن محاربة المسلم ومقاتلته كفر وإلحاد وخروج عن دائرة الإيمان وقد قال بعض المحققين الرجاليين: إن بعض رواة الصحيحين لم يكن في عداد الذين ثبت الإيمان في قلوبهم، وكذا قال المؤرخون أن بين رواة أحاديثهما كذابين وممن لا يوثق به.
وكذلك نرى أن عدد من اشتهر بعداوة الإمام علي (عليه السلام) من بين رواة صحيح البخاري ومسلم ليس بقليل.
وحتى أن ابن حجر الذي عرف بالتساهل والإغماض عن كشف الحقيقة عما هو موجود في بعض أسناد أحاديث البخاري ومتونها، لم يسعه أحيانا إلا أن يزيل حجب العصبية والتعنت عن نفسه ويكشف عن بعض الحقائق، فلذا تراه عندما يأتي بذكر أسماء الرواة الذين ضعفهم وجرحهم السلف من العلماء يقول: بأنهم كانوا من النواصب وأعداء الإمام علي (عليه السلام) (1).
وبهذا الصدد قال شيخ المعتزلة أبو جعفر الإسكافي: إن معاوية وضع قوما من الصحابة وقوما من التابعين على رواية أخبار قبيحة في علي (عليه السلام) تقتضي الطعن فيه والبراءة منه، وجعل لهم على ذلك جعلا في مثله فاختلقوا ما أرضاه، منهم أبو هريرة