فيهما أصرح دلالة على النفي من دلالة قوله تعالى: (وجوه يومئذ ناظرة إلى ربها ناظرة) على الأثبات. فإن استعمال النظر بمعنى الانتظار كثير في القرآن وكلام العرب، كقوله: ﴿ما ينظرون إلا صيحة واحدة﴾ (١)، ﴿هل ينظرون إلا تأويله﴾ (٢)، ﴿هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة﴾ (3)، وثبت إنه استعمل بهذا المعنى (4).
فالشيخ محمد عبدة - حسب ما جاء في الفقرة المذكورة من كلامه - إنه يرجح الآيات النافية للرؤية، ويميل إليها واستند في القول بضعف آيات الرؤية إلى آيات أخرى وأقوال المفسرين، ولكنه عندما تعترضه أحاديث الرؤية لا يسعه الإغماض عنها، بل يأول الآيات إلى المعاني التي وردت في الأحاديث، ويقول بالحرف الواحد: إن في الأحاديث الصحيحة من التصريح في إثبات الرؤية ما لا يمكن المراء فيه (5).
وعلى هذا، فقد علمنا أن منشأ الاعتقاد بالرؤية والتجسيم والتشبيه التي نأتي بذكر هاهو الأحاديث المروية في كتب أهل السنة وخاصة صحاحهم الستة، التي يعتبرونها صحيحة وموثقة ولا تقبل الخدش والرد والنقد.
وهذه الأحاديث المروية عندهم هي التي دفعتهم إلى الاعتقاد في التوحيد بما لا يوافق القرآن الكريم.
وملخص القول إذا وضع المعمار حجر الأساس مائلا ومعوجا فإن الاعوجاج والانحراف يظل باقيا ما دام البناء باقيا.
رؤية الله في المنام!
لقد اطلع القارئ المنصف على ما ذكرناه من عقيدة أرباب الصحيحين وأتباعهما