من يقيس الرسول ويقارنه بأحد أفراد هذه الأمة، وقول النبي (صلى الله عليه وآله) هو نفس الحكم الثابت في اللوح المحفوظ: ﴿إن هو إلا وحي يوحى علمه شديد القوى﴾ (1) أليس الاجتهاد هو رد الفروع على الأصول والاستفادة من الأدلة الظنية عن طريق استنباط الحكم الواقعي؟
فهل يبقى للمقايسة بين النبي (صلى الله عليه وآله) وغيره محل؟ فأين الثرى وأين الثريا؟
وأما ما ادعوه من جواز الاختلاف في الاجتهاد فهذا صحيح إذا اختلف مجتهدان ووقع اجتهاد أحدهما في مقابل اجتهاد الآخر وأما أن يجتهد أحد في مقابل نص الرسول والوحي والقانون الإلهي فهذا ليس باجتهاد وسميه بما تشاء.
6 - النبي (صلى الله عليه وآله) يعاقب من دون ذنب هذا الحديث هو الآخر من الأحاديث الموضوعة والمختلقة على رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فهو مروي في كتب العامة كالصحيحين وغيرهما بأسانيد ونصوص مختلفة، ويحكي لنا هذا الحديث قصة نسبت إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) ودلست عليه بأنه عاقب - في اللحظات الأخيرة من عمره - أناسا أبرياء عقابا ملؤه السخرية والهزل.
والقصة اشتهرت بحديث اللدود، وخلاصتها:
أنه اشتد المرض بالرسول (صلى الله عليه وآله) في آواخر حياته حتى أغمي عليه وغشي، فتشاورن زوجاته وأصحابه أن يصنعوا له دواء - وهو عجينة مرة تعطى لمن أصيب بداء ذات الجنب - فأعطوه وهو مغمى عليه، فلما أفاق وشعر بمرارة الدواء، حلف يمينا بأن يصب الدواء في فم كل من هو حاضر في المجلس عدا عمه العباس.
فأعطوا الحاضرون حتى جاء دور زوجاته، فكانت ميمونة ذاك اليوم صائمة فأصرت على كونها صائمة، ولكن الرسول (صلى الله عليه وآله) لم يلتفت إلى قولها وأكد إعطاءها الدواء عملا ووفاءا باليمين.
وهذه القصة أخرجها الشيخان في الصحيحين مختصرة ومجملة عن عائشة أنها