حديثا (1).
المنع عن التدوين في عهد عمر:
نقل ابن سعد: أن عمر بن الخطاب أراد أن يكتب السنن فاستشار في ذلك أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فأشاروا عليه أن يكتبها، فطفق عمر يستخير الله فيها شهرا، ثم أصبح يوما وقد عزم الله له. فقال: إني كنت أردت أن أكتب السنن، وإني ذكرت قوما كانوا قبلكم كتبوا كتبا فأكبوا عليها فتركوا كتاب الله تعالى، وإني والله لا البس كتاب الله بشئ أبدا (2).
الحديث في عهد عثمان:
كانت خلافة عثمان بن عفان التي استمرت اثنتي عشرة سنة من أسوأ الأزمنة وأتعسها في تاريخ الإسلام، وذلك لما وصلت فيها الأهواء - كحب الدنيا وقهر الآخرين والظلم - إلى أعلى مراتبه حيث إنه أعطى حقوق الضعفاء والمساكين وسلم بيت مال المسلمين لشرذمة ليست لهم أي فضيلة وصلة بالدين، سوى إنهم كانوا من قرابة الخليفة وعشيرته وملازمي بلاطه، فاكتنزوا الملايين، وعاشوا مرفهين، وبنوا القصور المشيدة، وفي جوارهم من المسلمين من كان يتضور جوعا. وأما المتقون الصالحون من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقد أزيحوا عن تصدي المناصب المهمة والقضاء وإدارة الحكومة، وحل مقامهم آخرون مستهترون - مثل الوليد بن عقبة أخو عثمان من أمه ومروان بن الحكم - ولأن المتقون لم يتماشوا ولم يداهنوا السياسة المتخذة والحاكمة آنذاك، ودأبوا على قراءة القرآن وترتيله ورواية أحاديث النبي (صلى الله عليه وآله) وتبليغها إلى الناس، وهذا مما لا يرتضيه النظام الحاكم والسيرة العثمانية وسياسة حكمه لأن هذه الأمور هي على نقيض سياسة الخلافة الحاكمة، ولذلك تعرضوا للهتك، فمنهم من نفي إلى البوادي، وأقصي عن