ولذلك قمنا بالفحص والتنقيب في كتبهم الحديثية حتى تمكنا من العثور على حديث في هذا المجال يرويه الإمام أحمد بن حنبل في مسنده، وعرفنا أن النبي (صلى الله عليه وآله) لم ينج من هذه الفرية والتهمة أيضا، ولكن وضاعي الحديث والدساسين لما وجدوا أن أكذوبتهم بأن الرسول (صلى الله عليه وآله) قد عاقر الخمر في أواخر حياته لم تتفق مع الآيات المحكمة الصريحة التي نزلت بشأن تحريم الخمر، لذلك تراهم نسبوا الفرية لرسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى عهد ما قبل التحريم.
ورووا عن نافع بن كيسان أنه قال: إن أباه كيسان أخبره أنه كان يتجر في الخمر في زمن النبي (صلى الله عليه وآله)، وإنه أقبل من الشام ومعه خمر في الزقاق يريد بها التجارة، فأتى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقال: يا رسول الله جئتك بشراب جيد، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا كيسان إنها حرمت بعدك (1).
هذا ما رووه في مجال معاقرة النبي (صلى الله عليه وآله) الخمر وافتروا عليه ذلك بأسلوب رزين ودقيق!! تبريرا لما كانوا يتسامرون ويتعاطون الخمر. وربما نوافيك في الفصول القادمة أيضا ببعض الأخبار المدسوسة على رسول الله (صلى الله عليه وآله).
2 - تضخيم دور عائشة أما السبب الآخر في الافتراء وجعل الأكاذيب ونسبتها إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله هو تضخيم دور عائشة، ونفوذها وتقويته، وذلك لأنه وقعت في أيامها حوادث وقضايا كبيرة، مثل قتل الخليفة عثمان ذي النورين في عقر داره، ونشوب حرب كبرى فرضتها على خليفة آخر راح ضحيتها آلاف المسلمين، ولا يكون لها شبيه في تاريخ الإسلام (2)، وكان المحرك الأول من وراء هذه الحوادث هو عائشة بنت أبي بكر وزوجة