كل قائل ومقولة بعين الرضا وتقبلها من دون دليل وسند معتد به لا شك أن مصيره لا يؤول إلا إلى التحير والاضطراب والاعتماد على الأخبار الواهية التي لا أصل ولا أساس لها سوى الوهم والخيال والركون إلى بيت العنكبوت الواهن.
وقد حذر القرآن الكريم المسلمين من الاعتماد على قول قائل أو خبر ناقل لا يتحلى بصفة الإيمان والعدالة. وحذرهم أيضا عواقب هذه الوثاقة الساذجة الخطيرة، وأمرهم بالفحص والتبين في أخبارهم. فقال عز وجل: ﴿يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين﴾ (1).
وهذا الأمر بالتثبت والتبين - في الإخبار - والذي يرتكز على الفطرة الإنسانية والتعاليم الإسلامية كان سببا في تأسيس علمي الرجال والدراية وتاريخ نشأتهما مواز لتاريخ نشأة علم الحديث. حيث إن الأول - علم الرجال - يتكفل الفحص عن أحوال رواة الحديث ودراستها، والثاني - علم دراية الحديث - يتصدى لدراسة الشروط التي يجب تحققها في الرواة وشرائط متن الحديث.
وبرز في هذين العلمين محققون وعلماء بارعون من الشيعة والسنة وتخصصوا فيها وألفوا كتبا قيمة.
وقد ذكر علماء دراية الحديث شروطا خاصة يجب توفرها في الرواة، مما يكشف عن أهمية الموضوع الذي نتطرق إليه - صفة الإيمان في راوي الحديث - ولذلك تراهم يعدون المتهم بالنسيان وضعف الذاكرة من المردودين والضعفاء ولم يقبلوا حديثه وروايته وإن توفرت فيه صفتا العدالة والوثاقة.
الإيمان شرط قبول الحديث:
كما ذكرنا آنفا أن أحد الشروط الرئيسية في قبول الحديث والاعتماد عليه هو توفر شرط الإيمان في راويه. والاطمئنان من عدم كذبه وانحرافه.