واحترامه أحكام كثيرة كحرمة مسه من دون طهور، وحرمة قراءة العزائم للجنب والحائض في رأي الشيعة وأما أهل السنة فإنهم يقولون بحرمة قراءة أي سورة من القرآن لهما، وحرمة تنجيسه.
وملخص القول: قد تظافرت الأحاديث بحرمة كل عمل يكون موجبا لتوهين القرآن عرفا.
قال الترمذي في سننه بعد أن أخرج حديث (لا تقرأ الحائض ولا الجنب شيئا من القرآن): المنقول عن النبي (صلى الله عليه وآله) ما نصه، وهو قول أكثر أهل العلم من أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله) و التابعين ومن بعدهم مثل سفيان الثوري، وابن مبارك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق قالوا: لا تقرأ الحائض ولا الجنب من القرآن شيئا إلا طرف الآية والحرف ونحو ذلك، ورخصوا للجنب والحائض في التسبيح والتهليل (1).
نعم، إن هذه التأكيدات والأوامر والنواهي لم تصدر إلا لبيان حرمة القرآن ورعاية شأنه وأهميته فكيف جاز للخليفة عثمان أن يأمر بإحراق هذه المصاحف؟ وبأي دليل ومستند شرعي استساغ لنفسه أن يشعل النار في كثير من الآيات القرآنية، سواء التي كانت في المدينة أو سائر البلاد الأخرى؟ وكيف يمكن الجمع والتطبيع بين هذه الفتوى والحكم الخليفي وبين عظمة القرآن والأحكام التي جاءت فيها؟
فلو كان الخليفة عثمان بن عفان قد قصد بإحراق المصاحف الشريفة ليتقي الاختلاف المحتمل، فإن هناك طرقا أخرى غير الإحراق يمكنه أن يدفع الاختلاف بها، ولا توجب الإهانة بكرامة القرآن والإساءة إلى قدسيته، فمثلا كان بإمكانه أن يضع المصاحف في بئر أو بحر ويحفظ قداسته.
والإجابة على هذه الأسئلة نحيلها إلى القارئ النبيه ليجيب عليها.