٢ - فلو فرضنا إنهم مرتدون فإن اعتراض عمر على الخليفة حينئذ يكون باطلا، حيث إنه استنكر عمل الخليفة وانتقده، واستدل في استنكاره بحديث يبين فيه تعاليم الإسلام في بيان مصونية مال المسلمين ودمائهم.
قال ابن رشد: وقد بقي من أحكامه حكم مشهور، وهو ماذا حكم من منع الزكاة ومن لم يجحد وجوبها؟
فذهب أبو بكر (رضي الله عنه) إلى أن حكمه حكم المرتد، وبذلك حكم في مانع الزكاة من العرب، وذلك أنه قاتلهم وسبى ذريتهم، وخالفه في ذلك عمر، وأطلق من كان استرق منهم. وبقول عمر قال الجمهور (١).
وكانت حروب الردة - كما يصطلحون عليها - منحصرة في جبهتين: في جبهة حضرموت ضد قبائل كندة ومأرب وكان أمير العسكر الخليفي عكرمة بن أبي جهل. وفي جبهة أطراف المدينة ضد قبائل عبس وذبيان وبني كنانة وغيرها بقيادة خالد بن الوليد.
وهؤلاء الرجال الذين قتلوا بسيف المسلمين بقيادة عكرمة وخالد لم يرتدوا ولم يكونوا منكري وجوب الزكاة، بل هم مسلمون وكانوا يقولون:
أطعنا رسول الله ما دام وسطنا * فيا قوم ما شأني وشأن أبي بكر (٢) بعضهم كانوا يقولون لممثل الخليفة: إنك تدعو إلى طاعة رجل لم يعهد إلينا ولا إليكم فيه عهد (٣).
وتارة كانوا يقولون (٤) لهم: أنظروا في شأن عترة النبي (صلى الله عليه وآله) فما كان من أمرهم، وهم الأولى بتسنم خلافة الرسول فأقصيتموهم.... والله تعالى يقول: ﴿وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله﴾ (5).
قال ابن كثير: وجعلت وفود العرب - بعد خلافة أبي بكر - تقدم المدينة، يقرون