في مسألة رؤية الله عز وجل، ومن الجدير بهذه المناسبة أن نذكر أيضا عقيدة علماء أهل السنة بما تختص بمسألة أخرى تتناسب مع هذه المسألة وهي رؤية الله في المنام - في عالم الرؤيا -.
وإنهم ذكروا لإثبات هذه العقيدة أحاديث كثيرة تحكي بأن الرسول (صلى الله عليه وآله) قد أعطي هذه الموهبة، وأنه (صلى الله عليه وآله) رأى الله تعالى في عالم الرؤيا.
وتأييدا لهذه الفكرة وتثبيتها أوسعوا نطاق المسألة بحيث استدعت تحجيم مقام النبوة، وتجاوزوه وتعدوه زاعمين بأن بعض العلماء رأوا الله في عالم الرؤيا والتقوا به وجالسوه وأسمعوه شجون أنفسهم وهمومهم.
ومن ثم قاموا بتفسير وتعبير هذه الرؤى بتعابير شيقة وعذبة نقلوها عن أشهر مفسري الأحلام وقد أرشد دعاة هذه العقيدة مشتاقي رؤية الله في المنام، وعلموهم صلاة ذات ركعتين وبكيفية خاصة يصليها المشتاق حتى ينال تلك الموهبة.
حتى أن المؤرخ المشهور السهيلي صاحب كتاب (روض الأنف) المتوفى عام 581 من الهجرة تصدى لهذه المسألة ووضع كتابه (مسألة رؤية الله في المنام والنبي (صلى الله عليه وآله) (1) بحث فيه موضوع الرؤية في عالم الرؤيا بحثا موسعا وأجاب فيه على التساؤلات التي ربما تطرح حول الموضوع.
وسوف نطلع القارئ على بيان هذه المسألة اطلاعا وافيا، وندع الحكم له.
الرسول (صلى الله عليه وآله) يرى الله في المنام:
أخرج الترمذي في سننه روايات عديدة تحكي بأن الرسول (صلى الله عليه وآله) رأى الله عز وجل في عالم الرؤيا بأحسن صورة، فجالسه وتحدث معه، وإليك النص:
عن معاذ بن جبل، قال: احتبس عنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذات غداة من صلاة الصبح حتى كدنا نتراءى عين الشمس، فخرج سريعا فثوب بالصلاة فصلى رسول الله (صلى الله عليه وآله)