أقول: فلو كان الإمام الصادق (عليه السلام) رجلا مجهولا في فضله وتقواه وعلمه، أو أن البخاري الذي كان عليما بالرجال وتراجمهم! فردا غير مطلع وجاهل لكان لتبرير ابن تيمية وجه، وكنا نعذر البخاري في عمله هذا ولم نعتبره انسانا متعصبا ومتطرفا تجاه أهل البيت (عليهم السلام). ولكن الحقائق والواقع ينفيان كل هذه الاحتمالات والتبريرات ويثبتان تعصب البخاري وتطرفه الطائفي الشديد تجاه الإمام الصادق (عليه السلام).
والحال أن شخصية الإمام الصادق (عليه السلام) لم تكن دانية وضعيفة في مرتبتها حتى تضمحل وتتهاوى بمجرد قول أحد أو جرح آخر إياه، وتسقط قيمتها العلمية والمعنوية بأدنى كتمان.
ومن جهة أخرى إن البخاري كان ذا مهارة تامة، واطلاع كاف، ومتخصصا في فن الرجال! ووضع كتابه (التاريخ) لمعرفة الرجال والرواة - كما قال هو: قل اسم في التاريخ إلا وله عندي قصة، إلا أني كرهت تطويل الكتاب - التاريخ - (1).
وبناء على ما ذكرنا فهل يمكن أن يكون هناك سببا آخر غير عناد البخاري وعداوته للإمام الصادق (عليه السلام)؟ حيث إنه لم ينقل عنه حتى حديثا واحدا. وهل يمكن تفسير إعراضه عن أهل البيت (عليهم السلام) سوى منابذته وخصومته لهم (عليهم السلام)؟
عداء عريق وظاهر!!
يتحتم علي أن ألفت نظر القارئ المنصف إلى حقيقة أخرى غير التي ذكرناها سابقا لينكشف تعصب البخاري ومسلم ونصبهما العداوة لآل بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) أكثر ويعلم أيضا أن تبرير ابن تيمية عن تصرف البخاري وموقفه تجاه أهل البيت (عليهم السلام) لم يكن في محله.
يتضح لمن يراجع هذين الكتابين ويتمعن فيهما بدقة أن مؤلفي الصحيحين اللذين