حلي الكعبة فيها يومئذ، فتركه الله على حاله، ولم يتركه نسيانا ولم يخف عنه مكانا، فأقره حيث أقره الله ورسوله، فقال له عمر: لولاك لافتضحنا، وترك الحلي بحاله.
قال ابن أبي الحديد بعد أن نقل الخطبة: هذا استدلال صحيح ويمكن أن يورد على وجهين:
أحدهما: أن يقال: أصل الأشياء الحظر والتحريم، كما هو مذهب كثير من أصحابنا، فلا يجوز التصرف في شئ من الأموال والمنافع إلا بإذن شرعي، ولم يوجد إذن شرعي في حلي الكعبة، فبقينا فيه على حكم الأصل.
والوجه الثاني: أن يقال: حلي الكعبة مال مختص بالكعبة، وهو جار مجرى ستور الكعبة، فكما لا يجوز التصرف في ستور الكعبة وبابها إلا بنص، فكذلك حلي الكعبة.
والجامع بينهما الاختصاص الجاعل كل واحد من ذلك كالجزء من الكعبة، فعلى هذا الوجه ينبغي أن يكون الاستدلال (١).
أقول: ونقل الزمخشري هذه الخطبة في كتابه ربيع الأبرار في الباب الخامس والسبعون (٢).
٩ - معنى أبا: أخرج البخاري في صحيحه: أن رجلا سأل عمر بن الخطاب عن قوله: ﴿فاكهة وأبا﴾ (3) ما الأب؟ قال: نهينا عن التعمق والتكلف (4).
فقد أشرنا فيما سلف، أن البخاري قد أسقط الشق الأول من الحديث واكتفى بالشق الأخير منه من قوله: نهينا عن.... ولكن ما أخفاه البخاري أظهره غيره في كتب الحديث والتفسير، وكذا شروح صحيح البخاري فذكروا القصة بالتفصيل حتى أن بعض